دليل عربى لانتخابات حرة ونزيهة
أ.د.على الصاوى
(الباحث الرئيسى والمحرر)
المشرف العام على المشروع مستشار المشروع
أ.نجاد البرعى د.وحيد عبد المجيد
جماعة تنمية الديمقراطية
Group for Democratic Development
مجلس إدارة جماعة تنمية الديمقراطية:
- الاستاذ/ نجاد البرعى، المحامى بالنقض رئيسا
- الاستاذ/ أيمن حنتيش، المحامى بالاستئناف نائبا للرئيس
- د. جهاد عودة، استاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان أمينا عاما
- د. وحيد عبد المجيد، نائب رئيس الهيئة العامة للكتاب عضوا ومستشارا للبرامج
- الاستاذ/ محمد أحمد زارع، المحامى أمينا للصندوق
الناشر: جماعة تنمية الديمقراطية جماعة مشهرة برقم 5432 القاهرة
رقم الايداع: 15435/ 2005
العنوان: 35 شارع شامبليون الدور السابع شقة 42
تليفاكس: البريد الالكترونى:
شركاء الجماعة:
قامت الجماعة بتنفيذ مشروعاتها وبرامجها منذ عام 1996 بمشاركة السفارة الهولندية الملكية بالقاهرة، مؤسسة كونراد أديناور، السفارة الدانماركية الملكية بالقاهرة، مؤسسة ويستمنستر الديمقراطية، الصندوق النرويجى لحقوق الانسان، مؤسسة فريدريش ناومان، المعهد الوطنى الديمقراطى بواشنطن، المؤسسة الاوروبية لحقوق الانسان، المنحة الوطنية الديمقراطية بواشنطن، مؤسسة فورد.
تم طبع هذا الدليل بتمويل من مؤسسة فورد
|
فريق إعداد الدليل (أبجديا)
أ.رامى مصطفى
أ.عجلان ابراهيم
أ.على موسى
أ.كريم السيد
أ.نيفين محسن
أ.هدى الشاهد
أ.ياسر فتحى
مقدمو المداخلات والتعقيبات (أبجديا)
ثروت شلبى عصام الدين حسن
د. جهاد عودة د. على الدين هلال
جيلانى كساب فاطمة الحواج
رضا محمد هلال د. ليلى الخواجة
د. زهدى الشامى محمد بركات
سعيد عبد الحافظ محمد زهران
د. سيد عبد المجيد محمد عوض
طارق عبد اللطيف محمد فريد زكريا
عادل القلا محمد قطيشات
عارف جفال محمد نبيل
مستشار عاصم عبد الجبار مستشار هشام البسطويسى
شكر خاص
تحية تقدير وإعتزاز لصاحب فكرة إعداد دليل من هذا النوع، الأستاذ نجاد البرعى، الصديق والخبير القانونى والناشط السياسى والحقوقى اللامع. عرفت عنه منذ خمسة عشر عاما، وتعرفت عليه منذ عشرة أعوام، وبدأت أعرفه عن قرب، ولا أزال، فهو باحث بالفطرة ومهتم بالقضايا العامة، ويتميز بجرأة فى الرأى ورحابة أفق فى التفكير.
فعندما طرح فكرة إعداد الدليل كان يقدمها كمطلب علمى يحقق قيما أخلاقية رفيعة، فأسماه: "التوحد لصالح الديمقراطية"، وعندما كانت النقاشات تجرى معه ومع الصديق العزيز الدكتور وحيد عبد المجيد، حول توجهات الدليل ونوعية ومضامين القيم التى يجب أن يجسدها كان دائما واسع الأفق يتحلى بالواقعية، وداعما للمضى قدما فى إنجاز الدليل، ثم تمحيصه بكل دقة وعناية من جانب نخبة متميزة ومتخصصة من العالم العربى والخارج، ثم مراجعته مرة تلو الأخرى، ثم الإنفتاح أمام كل التعليقات والتعامل مع الدليا باعتباره عملا عربيا ربما يعزز من فرص بناء مؤسسات وآليات وسلوكيات ممارسة سليمة للانتخابات حرة ونزيهة فى العالم العربى.
وقد كان للأستاذ الدكتور/ جهاد عودة، فضل محل تقدير فى دفع مسار المشروع الى الأمام، كما تحمل الأستاذ /أيمن حنتيش، وفريق العمل فى جماعة تنمية الديمقراطية، الكثير من الأعباء الفنية والإدارية فى كافة مراحل المشروع.
هذا الدليل هو عمل فريق، تشرفت بالعمل معهم والتعلم المشترك، وهو أيضا يدين بالفضل الى جهود فريق العمل فى جماعة تنمية الديمقراطية، الراعية لهذا الدليل، بالتعاون مع مؤسسة فورد، ذات الرصيد العميق من دعم البحث العلمى فى مصر، وبفضل الدعم العلمى والفنى من د.بسمة قضمان، ولها كل التقدير والإمتنان.
المحرر
مقدمة
الانتخابات هى عصب الديمقراطية وأهم آليات بناء الشرعية للنظام السياسى ككل، كما أنها القاعدة الأساس فى تشكيل الهيئات النيابية.
وتختلف النظم الانتخابية فى الكثير من الجوانب القانونية والاجرائية وغيرها، بداية من تعريف الناخب والمرشح، ومرورا بنظم الانتخاب (فردى، قوائم..)، وانتهاءً بعملية فرز الأصوات والطعون الانتخابية..، وكل ذلك حسب المعطيات الدستورية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية للمجتمع، إلا أن الى يميز النظم الانتخابية الديمقراطية عما عداها هو النزاهة، بمعناها الأوسع، الذى يشمل مختلف العمليات والإجراءات والممارسات التى تكفل تحقيق أكبر قدر ممكن من "إحترام إرادة الناخبين" فى تشكيل الهيئة النيابية (البرلمان).
ويهدف هذا الدليل إلى تقديم حزمة من المبادئ السياسية والقواعد والإجراءات الى القارئ العربى، من أجل تقويم العملية الانتخابية وتعزيز الاتجاه نحو إقامة انتخابات حرة ونزيهة.
وربما تكون المكتبة العربية فى حاجة الى مزيد من هذا النوع من الشروحات والأدلة الاسترشادية فى مجال الممارسة السياسية وبناء مؤسسات الديمقراطية، وفى مقدمتها البرلمان. وقد تمت مراجعة الأنظمة الانتخابية والممارسات الواقعية فى بعض الدول العربية، وكذلك إسهامات مؤسسات دولية متخصصة، وتضمن هذا الدليل شرحا مقارنا لها، مع طرح صيغة مقترحة لإدارة العملية الانتخابية فى جوانبها التفصيلية، مطروحة للنقاش، والمواءمة فى ظل المعطيات الوطنية.
وينقسم الدليل إلى ثلاثة أقسام، تتمشى مع مراحل العملية الانتخابية، وهى: ما قبل الانتخابات، وخلال الانتخابات، وما بعد الانتخابات. ويتضمن كل قسم عددا من الإجراءات أو القواعد، مع مراعاة ضرورة تحقيق الاتساق بينها عند التطبيق.
وقد تم إعداد هذا الدليل من منطلقات ثلاثة:
أولهما، ترجمة مبائ جوهرية فى إجراء انتخابات ديمقراطية ونزيهة فى مختلف مراحل العملية الانتخابية؟، فعلى سبيل المثال، كان "مبدأ تكافؤ الفرص" حاكما فى صياغة قواعد الدعاية والحملات الانتخابية بين المرشحين، كما كان مبدأ "النزاهة" محوريا فى تشكيل اللجنة الوطنية للانتخابات وصلاحياتها، كما كان مبدأ "الحياد" رئيسيا فى تنظيم قواعد الدعاية وتجنب استخدام الأموال والمرافق والسلطات العامة فى الانتخابات، وكذلك كان مبدأ الشفافية حاسما فى صياغة مراحل عملية فرز الأصوات وإعلان النتائج والطعن عليها.
ثانيا، مراعاة الظروف الالاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية للدول العربية، فيما تجسد على سبيل المثال فى حظر الدعاية فى الأماكن الدينية، ومقترح خفض سن الناخب والمرشح، وتمثيل المرأة والشباب فى اللجنة الوطنية للانتخابات، وشرط التعليم فى المرشحين. بل أن ظاهرة "غياب برلمان أو حل البرلمان" أثناء الانتخابات كأمر محتمل ومتكرر الحدوث، وبالتالى صيغت بعض القواعد بما يخول بعض السلطات فيما يتعلق بالانتخابات إلى رئيس الدولة فى حالة حل البرلمان (وليس العطلات المعتادة). كذلك، تبنى الدليل توجها مفاده حياد شرائح مهمة من المسئولين عن الأمن والنظام من المشاركة فى الانتخاب، وإن كان بحث لهم الترشح بعد الاستقالة –المؤقت- من المنصب، مثل أعضاء الهيئات العسكرية والشرطة والمخابرات العامة، والسلكين الدبلوماسى والقنصلى، والقضاء وأعضاء النيابة العامة، والمحافظون، وهو ما اتبعته أغلب الدول العربية.
ثالثا، تضمن الدليل خطا استراتيجيا فيما يتعلق بالطعن على قرارات اللجنة الوطنية للانتخابات قد لا يكون متسقا مع إجراءات التقاضى أمام المحكمة الدستورية أو العليا الحالية، وهو جواز تقديم الطعون الانتخابية على قرارات اللجنة الوطنية (بعد استنفاذ طرق الطعن أمام اللجنة ذاتها) وذلك بدعوى مباشرة أمام المحكمة الدستورية. وربما يرى البعض صعوبة تحقيق هذا المقترح فى ضوء الأعراف القضائية السارية، وهنا يمكن تطويع هذا المقترح بحيث يتم اسناد مهمة نظر هذه الطعون إلى المحكمة الإدارية (العليا كما فى بعض الدول)، أو محكمة التمييز أو النقض (كما فى دول أخرى)، أو إلى المجلس الدستورى (فى دول ثالثة) محكمة عليا (حسب تنظيم المحاكم وإجراءات التقاضى فى كل دولة) وأن يتاح للطاعنين التقدم بدعوى مباشرة إلى هذه المحكمة، مراعاة لخصوصية العملية الانتخابية،ـ وتيسيرا على أطرافها، وتحقيقا للاستقرار فى المراكز القانونية لهم، مما يساعد على ضمان استقرار الهيئة المنتخبة (البرلمان) وخلوه من عيوب وشبهات عدم النزاهة.
تعريفات
· النظام الانتخابى: مجموعة القواعد والإجراءات التى تنظم عملية الانتخاب، وفقا للقوانين الوطنية
· رئيس الدولة: رئيس الجمهورية، الملك، الأمير، السلطان
· اللجنة الوطنية للانتخابات: الجهة المشرفة على إدارة العملية الانتخابية لضمان نزاهتها
· الانتخابات العامة: عملية انتخاب أعضاء البرلمان الوطنى
· الانتخابات الرئاسية: انتخاب رئيس الدولة (فى النظم الجمهورية)
· الانتخابات المحلية: عملية انتخاب أعضاء المجالس المحلية أو البلدية
· هيئة الناخبين: مجموع المواطنين الذين لهم حق انتخاب أعضاء الهيئات النيابية (العامة والمحلية)، وكذلك الانتخابات الرئاسية.
· المرشحون: الناخبون المتقدمون لشغل مقاعد الهيئات النيابية أو مقعد الرئاسة
· صندوق دعم الانتخابات: حساب خاص مستقل لتمويل عمليات الانتخابات بأنواعها، وأشغال اللجنة الوطنية للانتخابات
· الدائرة الانتخابية: مجموع الناخبين فى منطقة جغرافية محددة، وقد تكون الدولة بأسرها دائرة انتخابية واحدة، حسب النظام الانتخابى
· جداول الناخبين: أو قوائم أو سجلات الناخبين، وهى المستندات الرسمية التى تحدد هيئة الناخبين
· جمعية الانتخاب/اللجنة الفرعية/مركز الاقتراع: المكان الذى يذهب إليها الناخب للإدلاء بصوته، وتمتد من حيث خضوعها لإشراف اللجنة الوطنية للانتخابات الى الفضاء المحيط بها.
· صندوق الاقتراع: الوعاء المادى الذى يضع فيه الناخبون استمارات التصويت.
المرحلة الأولى: ما قبل التصويت
وتتضمن هذه المرحلة مجموعة القواعد والإجراءات التى تنظم العملية الانتخابية، من حيث تعريف الناخبين وكيفية تسجيلهم وشروط المرشحين وكذلك الجهة المشرفة على الانتخابات، وحتى يوم التصويت (أو الاقتراع)، حين تبدأ المرحلة الثانية، وتنتهى بغلق باب التصويت، ثم تبدأ المرحلة الثالثة فورا، وتغطى عملية الفرز وإعلان النتائج، وكذلك الطعون الانتخابية، وحتى إعلان تشكيل البرلمان.
أولا: تكوين هيئة الناخبين
يعتبر تحديد هيئة الناخبين أساس عملية الانتخاب، وتتضمن العناصر التالية.
1- هيئة الناخبين
هيئة الناخبين هى مجموع المواطنين الذين يحق لهم المشاركة فى الانتخابات، وفقا للقانون الوطنى، وحسب طبيعة هذه الانتخابات.
والأصل العام أن جميع المواطنين يدخلون فى هيئة الناخبين عند بلوغ سن معينة، وبمجرد توافر شرط الجنسية لأنها العلاقة القانونية الأسمى بين الفرد والمجتمع السياسى، وهى التى تحدد منظومة الحقوق والواجبات لكافة المواطنين.
وهناك اتفاق على أن يكون شرط الجنسية من أسمى الشروط لمباشرة الحقوق السياسية فى أى دولة، بحيث لا يسمح للمقيمين فى الدولة من غير حاملى الجنسية بالمشاركة فى الانتخابات أيا كانت صورتها، وفى نفس الوقت لا بد من السماح لحاملى الجنسية من المقيمين بالخارج بالمشاركة فى العملية الانتخابية، سواء كان ذلك عن طريق البريد أو الوسائل الإلكترونية الحديثة أو بالوكالة فى حدود القانون الداخلى.
ومن المعروف أن بعض دول أوربا الغربية قد توسعت فى تعريف الناخب بالنسبة لبعض الهيئات البلدية فى الضواحى والمناطق الصغيرة، والتى تتشكل بالانتخاب أيضا ولكن مهامها متابعة صيانة المرافق والخدمات العامة البلدية أساسيا، وفى هذه الحالة فقد تعطى للمقيمين فترة إقامة ممتدة والعاملين بالفعل ويقومون بسداد الضرائب المقررة حق المشاركة فى انتخاب أعضاء هذه المجالس البلدية حتى لو لم يحصلوا على الجنسية، وربما دون حق الترشح لها.
ومع ذلك، فغالبا ما يضع القانون الوطنى شروطا لكى يصبح المواطن ناخبا فى الانتخابات النيابية، منها بالإضافة الى ما يتعلق بالسن، شروط قد تتعلق بطبيعة المهنة، أو بالحالة العقلية، قبل التسجيل فى هيئة الناخبين، أى أن القانون قد يضع شروطا تقلل حجم هيئة الناخبين عن إجمالى حجم المواطنين، أو السكان بالمعنى الديمجرافى.
والأصل العام فى بناء نظام انتخابى ديمقراطى هو أمران، أولهما تقليل القيود التى تفصل بين "المواطن" و"الناخب"، والثانى هو تطبيق هذه القيود على الكافة ودون تمييز، فعلى سبيل المثال، لا يجب أن يحرم القانون الوطنى فئة بأسرها من المواطنين (حاملى الجنسية السياسية للدولة) من دخول هيئة الناخبين لأسباب سياسية أو قبلية، كما لا يجوز حرمان قطاع نوعى (كالمرأة) من دخول هيئة الناخبين برغم أنها جزء من هيئة المواطنين، بحكم الجنسية.
كذلك، لا يجوز الإسراف فى إجراءات وشروط الإنضمام إلى هيئة الناخبين، مثل وضع شروط مالية، كما لا يجب أن تكون هناك تعقيدات فى إجراءات التسجيل فى سجلات الانتخاب بما يجعلها مطلقة أو صعبة أمام قطاع كبير من المواطنين.
ومن هذا الأساس يمكن تحديد القاعدة التى ينبغى الاسترشاد بها فى إصلاح القواعد المنظمة للحقوق السياسية فى الدول العربية بشأن قيد الناخبين كالتالى:
أ- معيار السن
أن يكون سن الناخب 16 عاما فى الانتخابات البلدية/المحلية، و18 عاما فى الانتخابات العامة (النيابية/الرئاسية).
وأن يكون سن الترشيح فى الانتخابات البلدية 21 عاما للمرشح، أما فى الانتخابات العامة (البرلمانية) فيكون 25 عاما، ويكون فى الانتخابات الرئاسية 35 عاما.
ولتيسير هذا التقسيم، يخصص للبطاقة الأولى لون (أزرق مثلا) مختلف عن البطاقة الثانية (الأحمر مثلا)، وبذلك يكون هناك نوعان من جداول الناخبين أمام اللجنة المشرفة. وبهذا، يكون حامل البطاقة الحمراء ناخبا فى كافة الانتخابات، أما حامل البطاقة الزرقاء فيقبل تصويته فى الانتخابات المحلية فقط. وفى حالة فقدان البطاقة فإن العبرة بالأسماء فى الجداول المعتمدة يوم التصويت.
والغرض من هذا التقسيم هو تشجيع الشباب على المشاركة السياسية فى وقت مبكر، لاسيما على مستوى البلديات أولا، ثم الانتقال إلى سجلات الانتخابات العامة تلقائيا، مع مراعاة تصويب وتحديث الجداول وفقا للقانون.
ب- شرط الجنسية
لا يجوز لغير المواطنين، أو لمن اكتسب جنسية أخرى، أن يقيد فى جداول الناخبين.
بمعنى أنه لا يجوز لغير حاملى الجنسية أو لحاملى جنسية إضافية قيد أسمائهم فى جداول الناخبين ابتداءً، وأن يقتصر الترشح على المواطنين حاملى جنسية الدولة فقط.
والمقصود هنا هو قصر حقوق الانتخاب والترشح على حاملى الجنسية الوطنية فقط، ولا ينسحب ذلك على الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأخرى لمزدوجى الجنسية، وإنما يختص الحظ بالانتخاب والترشح فقط، وهى وجهة نظر مطروحة للمناقشة.
ج- شروط الحرمان من دخول هيئة الناخبين
(1) الحرمان الدائم
يشترط للتسجيل فى قوائم الناخبين ألا يكون المواطن فاقد الأهلية، أو صدرت بحقه أحكام قضائية نهائية فى جرائم مخلة بالشرف والأمانة ما لم يُرد اعتباره وفقا للقانون.
ويحدد القانون الوطنى ماهية الجرائم المخلة بالشرف والأمانة، وإن كان من الشائع أن تتضمن جرائم مثل خيانة الوطن والتزوير والاختلاس..، أو حتى الفصل من العمل لأسباب تأديبية.
كما تجيز القوانين الوطنية رد الاعتبار فى حالات معينة، تتضمن أيضا إنقضاء العقوبة أو مرور فترة معينة بعد قضائها، كما تتضمن سقوط العقوبة بالتقادم.
(2) الحرمان المؤقت/الجزئى
وتعرف أغلب الدول العربية تعرف ظاهرة تقنين الحرمان من مباشرة الحقوق لبعض المواطنين، سواء كان ذلك الحرمان مؤقتا، أم نهائيا من هيئة الناخبين.
فبالنسبة للحظر المؤقت على القيد فى الجداول:
لا يجوز القيد فى قوائم الناخبين لأعضاء الهيئات العسكرية أوالشرطية أو الأمنية أو أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى أو أعضاء الهيئات القضائية.
وتعتبر هذه الحالات نوعا من الحرمان المؤقت من حقوق الانتخاب (وبالتالى الترشح) وذلك لأسباب مهنية، ولضمان الحياد السياسى لهذه القطاعات الحيوية، كما قد يمتد الحظر الى بعض المناصب التنفيذية والإدارية العليا، مثل المحافظ أو حاكم الإقليم أو رئيس المنطقة فى أغلب الدول العربية.
وهناك حرمان من الترشح فقط مع إقرار حق الانتخاب، وذلك فى بعض الدول التى يسمح للعسكريين مثلا بالتصويت فى الانتخابات، ولكن لا يحق لهم الترشح إلا بعد الخروج من الهيئة العسكرية (بالإستقالة أو التقاعد).
كما أن هناك نوعا مماثلا يتعلق بمكتسبى الجنسية أو المتجنسين (وليس مزدجى الجنسية)، حيث يتضمن القانون حظرا على ترشحهم فى الانتخابات برغم حقهم فى التصويت، سواء كان بعد مدة من تاريخ التجنس أطول فى حالة الترشح منها فى حالة التصويت، أو كان الحرمان من الترشح دائما فى مناصب معينة، كرئاسة الدولة، سواء فى النظم الملكية أو الجمهورية، حيث يشترط أن يكون المرشح للرئاسة "وطنيا" من أبوين "وطنيين".
2- تسجيل الناخبين
لا يجوز المشاركة فى الانتخاب لغير المقيدين فى قوائم الناخبين، ويكون القيد بلا أية رسوم
وتتوقف الطريقة المستخدمة لتسجيل الناخبين على عدد من الاعتبارات الخاصة بكل دولة، حيث تختار الطريقة الأكثر ملائمة للظروف المحلية والأكثر اتساقا وواقعيةً بل وتوفيراً للسياق المالى والإدارى الذى سيتمّ فيه تحضيرها وتطبيقها، ولكن أفضل الممارسات المعاصرة تؤكد أن التسجيل فى قواعد بيانات آلية (باستخدام الحواسب) أفضل من التسجيل الورقى (الدفاتر).
وفى هذا النص المقترح، تم الفصل بين صفة المرشح وصفة الناخب، حيث قد يكون حق يتوافر الانتخاب بدون حق الترشح فى بعض الحالات، كما سبق تفصيله.
كما يتضمن النص الأخذ بفكرة "القرينة القانونية"، حيث أصبحت الجداول الانتخابية قرينة على توافر الحق فى الانتخاب، بينما لا تعد كذلك فى إقرار الحق فى الترشح، حيث تتطلب عملية الترشح مستندات أكثر من مجرد شهادة القيد فى جداول الناخبين، مثل شرط السن (لأن الحد الأدنى لسن المرشح أعلى من الحد الأدنى لسن الناخب)، والمهنة..، كما سيلى لاحقا.
وتعد عملية تسجيل الناخبين من أكثر العناصر كلفة فى العملية الانتخابية، حيث تعتبر الأساس الذى تقوم عليه العملية الانتخابية، فهى بداية العملية وأساسها، لذلك على القائمين بإدارة العملية الانتخابية خاصة فيما يخص عملية تسجيل الناخبين وتكوين الهيئة الناخبة وتسجيلها أن يتحلوا فى آن واحد بكل من الدقة لتأمين التسجيل، والمرونة فى الإجراءات لضمان احترام حق كل مواطن فى القيد والتسجيل وبالتالى ممارسة حقه فى التصويت والمشاركة السياسية.
وتتباين عملية تسجيل الناخبين فيما بين الدول العربية وبعضها البعض بدءً من الجهة المختصة بالتسجيل، مرورا بطرق وشروط وأماكن ومواعيد التسجيل، وصولا للنتيجة النهائية لهذا التسجيل، وهى القيد، والحثول على بطاقة انتخابية أو أية وثائق أخرى تثبت القيد بالجداول الانتخابية.
أ- الجهة المسئولة عن التسجيل
تقوم إدارة السجلات المدنية بإعداد قوائم الناخبين تحت إشراف اللجنة الوطنية للانتخابات.
وتكون قرارات اللجنة واجبة النفاذ أمام هذه الإدارة بدون اللجوء الى القضاء أو أية سلطة أخرى، ويعتبر عدم الإمتثال لقرارات اللجنة مخالفة للواجبات الأساسية للموظف العام تستوجب عقوبة تأديبية، وتتضمن كذلك فعلا يدخل فى نطاق جريمة الامتناع عن تطبيق القانون.
وعمليا، يختلف مسمى الجهة المسئولة عن تسجيل الناخبين من دولة لأخرى وكذلك الجهة التابعة لها، سواء مصلحة أو دائرة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية وهو الغالب، أو تكون تابعة لمجلس الوزراء.
كما تكون قواعد البيانات لدى السجلات المدنية حصريا وغير قابلة للتكرار، لأنها تخصص لكل مواطن رقما خاصا على المستوى الوطنى، مما ييسير عملية تحديث البيانات، وتصنيف أوضاع المواطنين.
ويوضح هذا النص أن السجلات المدنية هى جهة تنفيذ، ولكنها تعمل تحت إشراف اللجنة الوطنية للانتخابات فيما يخص عملية القيد فحسب، ولا يمتد خضوع هذا الإدارة لإشراف هذه اللجنة إلى الأنشطة الأخرى التى تقوم بها تلك الإدارة (مثل التأمين الاجتماعى، استخراج مستندات أخرى للمواطنين مثل وثائق الزواج وغيرها..).
وتعتبر السجلات المدنية مركز تجميع البيانات الأساسية للمواطنين، بحيث تكون وحدها هى القادرة على تمكين اللجنة الوطنية للانتخابات من ممارسة مهامها بالدقة الكافية، لأن هذه السجلات تتضمن المواليد (والوفيات) أى السن، ومحل الإقامة (وبالتالى توزيعات تعداد السكان وما له من علاقة جوهرية مع ترسيم حدود الدوائر وتقسيم هيئة الناخبين الى لجان/صناديق أو مراكز اقتراع متقاربة فى الحجم)، والمهنة وكذلك سجل الحالة الجنائية والأحكام القضائية (لتطبيق قواعد الحظر بأنواعه).. وبالتالى فإن تبعيتها للجنة الوطنية للانتخابات فى خصوص عملية تسجيل الناخبين تعتبر ضرورية.
ويتمثل إشراف اللجنة على إدارة السجلات المدنية فى تحديد قواعد وإجراءات القيد وتحديث الجداول واستخراج بطاقات الانتخاب..، ويعتبر الإمتثال لقراراتها من أركان الوظيفة العامة، فضلا عن كونه إلتزاما بأحكام القانون.
أما "تنقية" أو مراجعة صحة الجداول فهو مسئولية هذه الجهة الإدارية، وتحت إشراف اللجنة الوطنية، لكى يتم التحقق من عدم وجود شرط من شروط الحرمان أو الحظر من المشاركة السياسية لأسباب قانونية.
ب- هل التسجيل طوعى أم إلزامى؟
يكون قيد الناخبين فى القوائم تلقائيا، عن طريق السجلات المدنية.
ويعتبر القيد التلقائى من أفضل الممارسات فى النظم الانتخابية الديمقراطية، حيث يدخل المواطن هيئة الناخبين بواسطة السجلات المدنية لأنها الجهة الوحيدة التى تمتلك القدرة على التحقق من توافر الشروط الأساسية التى أقرها القانون.
وتلتزم هذه الجهة بقيد المواطن فى جداول الناخبين تلقائيا، ودون طلب خاص. فالعبرة فى تعزيز المشاركة السياسية هى التيسير وليس التعسير بالنسبة الى مسألة القيد فى الجداول، مع تأكيد أن القيد لا يعنى الذهاب الى الانتخاب حتما، ولكن هذه الطريقة تتيح أكبر فرصة للراغبين فى المشاركة (ممن تنطبق عليهم شروط الناخب) حتى إذا جاء قرارهم بالمشاركة قبيل انتهاء ساعة التصويت.
أما المشاركة فى الانتخاب فهى طوعية بحكم التعريف، وفى كل الأحوال.
وقد يرد تحفظان على هذه الطريقة، الأول يتمثل فى القول بأنها لا تأخذ فى الاعتبار الفرق الكبير فى أغلب دول العالم بين نوعين من المواطنين، أولهما من تنطبق عليهم شروط الناخب عموما ومن يشارك فى الانتخابات فعلا، وبالتالى فإن القيد التلقائى –وفقا لهذا النقد- لا يراعى ذلك الفارق فى النسبتين وما له من دلالة على وضع حدود الدوائر الانتخابية والتوازن بين حجم الناخبين فى كل صندوق أو مركز اقتراع، ولذلك يفضل هذا الرأى أن يكون القيد فى الجداول الانتخابية طوعيا حيث يجب على من توفرت فيه الشروط ويرغب فى ممارسة حقه فى الانتخاب أن يتقدم بطلب "خاص" لتسجيل اسمه فى جداول الناخبين.
أما التحفظ الثانى فيتمثل زيادة مهام إدارة السجلات المدنية، المكدسة أساسا بكافة الأحوال المدنية للمواطنين، مما قد يؤدى إلى فقدان حقيقى أو محتمل للسرية، كما ان الاستخدام متعددة الأغراض للسجلات المدنية يستلزم بناء قواعد بيانات من نوع خاص، ومكلف للغاية.
ج- الوثائق المطلوبة للقيد فى الجداول الانتخابية
يشترط فى طلب القيد فى القوائم الانتخابية لكل لجنة/دائرة تقديم تحقيق الشخصية، ويكون القيد وفقا لمحل الإقامة.
فالتسجيل فى الجداول الانتخابية شأنه شأن العديد من السجلات الرسمية قد يتطلب أوراقا ومستندات خاصة، لكنه قى المقابل قد يتم فى دول أخرى دون أية أوراق رسمية لا سيما إن كان يتم تلقائيا.
وقد يبدو أن هذه القاعدة تختلط بالقاعدة السابقة التى تقرر مبدأ القيد التلقائى، أى لا يقوم المواطن بأى إجراء أو تقديم أية مستندات لقيد اسمه فى جداول الناخبين، إلا أن تفسير ذلك هو النظم التى لم تصل الى تغطية كافة المواطنين فى قواعد بيانات السجلات المدنية (وجود مواطنين غير مقيدين) أو تتطلب من المواطن أن يقدم طلبا للإنضمام الى هيئة الناخبين، وفى هذه الحالة تأتى أهمية تلك القاعدة، حيث تكتفى بتقديم بطاقة تحقيق الشخصية (الهوية..) وإقرارا بمحل الإقامة (أو دليلا على وجود مصلحة فعلية للمواطن فى الموطن الانتخابى الذى يختاره، إذا كان جائزا أن يختار المواطن موطنا انتخابيا يختلف عن محل إقامته).
وفى هذه الحالة، تعد كمية ونوعية الوثائق التى تتطلبها عملية القيد أو التسجيل فى الجداول الانتخابية من أهم العوائق لعملية التسجيل، حيث أن هناك بعض البيانات المطلوبة أو الأوراق التى قد لا تتوافر حين يتقدم المواطن لقيد أو تسجيل اسمه فى الجداول الانتخابية، وبالتالى يؤدى ذلك لعرقلة عملية التسجيل. ومن ناحية أخرى يضاف احتمال تضرر المواطن من مساوئ البيرقراطية الحكومية وبالتالى فقد يؤجل قراره بتسجيل نفسه، لذلك نجد أن الأقرب لتعزيز الميل نحو المشاركة فى حالة تأخر نظام القيد التلقائى أن نتجه إلى التسهيل، وعدم اشتراط تقديم وثائق إضافية للتسجيل سوى تحقيق الشخصية ومحل الإقامة/أو المطون الانتخابى المختار للمواطن.
د- هل التسجيل شخصى أم بالوكالة؟
يجوز للناخب القيد فى جداول الناخبين بنفسه أو عن طريق وكيل، ولا يجوز للشخص أن يكون وكيلا عن أكثر من ثلاثة أشخاص فى طلب القيد بجداول الناخبين.
وينطبق هذا المبدأ فى حالة الدول التى لا تأخذ بنظام القيد التلقائى فى جداول الناخبين.
وكام سبق القول، فإن عملية التسجيل أو القيد فى السجلات أو القوائم الانتخابية من العمليات المرهقة أو التى قد تسبب عزوف الكثير من المواطنين عن تسجيل أنفسهم فى السجلات، وبالتالى عدم الحرص على المشاركة والأدلاء بالصوت فى العملية الانتخابية، فقد يكون مكان التسجيل هو أحد العوائق، كما قد يكون وقت التسجيل هو عائق آخر.
وأساس هذه القاعدة أن "إجراء" القيد ليس هو "فعل" التصويت، فهو شرط ضرورى ولكنه ليس كافيا، ويجوز الوكالة فيه. أى أن عملية التسجيل فى الجداول بالوكالة لا تمتد بالضرورة الى التصويت بالوكالة.
والنقد المحتمل لهذا هو احتمال قيد أشخاص غير أحياء، إلا أن إتاحة التسجيل بالوكالة يتطلب بحكم تعريفه توكيلا قانونيا إبتداءا، وبالتالى سيتم التأكد من استبعاد هذا الاحتمال.
ومن ناحية أخرى، فإن "التوكيل" عمل قانونى تقره القوانين المدنية، وتسبع عليه المشروعية لأنه أصلا يتم بواسطة الشخص ذاته، وإذا كان يجوز الزواج بالوكالة فلا غرو أن يجوز التسجيل فى جداول الناخبين بالوكالة، بل إن القوانين المدنية تجيز أيضا التصويت بالوكالة، كما فى حالة الجمعيات الأهلية والنوادى الاجتماعية وكذلك بعض الانتخابات النقابية.
ومن ناحية ثالثة، فإن حجم المقيدين فى سجلات الناخبين لا يؤثر على نسب الأغلبية المطلوبة للفوز، بينما يؤثر عدد المشاركين فى التصويت فعلا على تلك الأغلبية فى حالة الأخذ بنظام انتخابى يعتمد على الأغلبية البسيطة، وبالتالى فإن التسجيل بالوكالة سيؤثر على حجم الدائرة وصندوف أو مركز الاقتراع ولكنه لا يؤثر على إرادة الناخبين.
كذلك، فمن الممكن تقييد حدود الوكالة من خلال اشتراط أن يكون الوكيل مسجلا فعلا فى جداول الناخبين، أو وضع حد أقصى للموكلين الذين يمثلهم الوكيل عند طلب القيد فى الجداول، وهو فى هذه الحالة ثلاثة أشخاص، مع ملاحظة أن القوانين المدنية ذاتها لا تضع حدا أقصى لموكلى الوكيل الواحد، فقد يكون المحامى وكيلا عن عشرات الأشخاص، كما قد يكون شخص وكيلا قانونيا عن عدة أفراد فى كافة التصرفات القانونية والتعاقدية، ومن باب أولى، إذن، إتاحة رخصة الوكالة فى عملية تسجيل الناخبين، لتشجيع المشاركة السياسية.
هـ - هل يكون التسجيل فرديا أم جماعيا؟
التسجيل الجماعى للناخبين فى القوائم محظور.
وعملية القيد أو التسجيل فى الجداول الانتخابية من أهم الموضوعات التى قد يثار حولها العديد من الشكوك. وبالرغم من أن ليس هناك ما يؤكد على أن التسجيل الفردى أو التسجيل الجماعى هو الأكثر ديمقراطية أو يتواءم أكثر معها، إلا أن واقع الممارسات فى الدول العربية قد يثير الظنون فى عمليات التسجيل الجماعى لشبهة إبتزاز أو رشوة الناخبين وتزييف إرادتهم.
وربما يبدو أن هذه القاعدة تتناقض مع القاعدة السابقة، إلا أن الفارق الكمى بين الوكالة عن ثلاثة أشخاص والوكالة عن أشخاص بدون حد أقصى تصبح له دلالة نوعية فى العملية الانتخابية، حيث يتضمن شبهة دائمة فى التحقق من توافر ركن الرضاء فى الوكالة، باعتبارها عقدا مدنيا، وما إذا كان الوكيل يجبر المواطنين على قيد اسمائهم فى الجداول بطريقة يصعب التحقق منها. وعلى العكس من ذلك، فإن إباحة التسجيل بالوكالة –فى حدود عددية معقولة- يساعد الناخبين المعرضين لظروف طارئة تحول بينهم وبين التسجيل (كأسباب صحية..)، وخصوصا إذا كانت فترة التسجيل قصيرة نسبيا.
وفى كل الأحوال فإن التسجيل، كما سبقت الإشارة، لا يعنى التصويت، ولا يؤثر بالضرورة على صحة الانتخابات.
و- أين يتم تسجيل الناخبين؟
يكون القيد فى الجداول الانتخابية لدى مكتب السجلات المدنية بمحل إقامة الناخب.
قد تقوم اللجنة الوطنية بنفسها بإعداد قواعد بيانات خاصة بها لإدارة العملية الانتخابية، ولكنها سوف تعتمد فى ذلك على بيانات السجلات المدنية ذاتها. وقد يسمى هذا المكتب مصلحة السجل المدنى، أو دائرة الأحوال المدنية، أو Registrar، وهو فى العادة القسم الرسمى المختص بتسجيل المواليد والوفيات والأوضاع المدنية للمواطنين. وقد تكون التبعية الإدارية لهذا القسم الى وزارة الداخلية أو وزارة الشئون الاجتماعية والبلدية أو الى مجلس الوزراء..، وفقا للهيكل الإدارى للدولة.
إلا أن أعمال هذه الإدارة أو المكاتب التى تتعلق بالانتخابات –أى إعداد وتحديث الجداول الانتخابية- يجب ان تتم تحت إشراف اللجنة الوطنية للانتخابات، باعتبارها المشرفة على العملية الانتخابية ككل، وباعتبار أن السجلات الانتخابية الصحيحة ركن أساسى فى مشروعية الانتخابات.
لذا من المقترح إنشاء مقار دائمة ومتخصصة فى الشئون الانتخابية، تتبع اللجنة الوطنية للانتخابات، وتختص بإنشاء وتحديث تصويب وتوزيع كافة السجلات الانتخابية ومقارت الاقتراع، وتكون بهذا معنية أيضا بكافة أنواع الانتخابات والإستفتاءات العامة والمحلية، كما تنشط فى غير أوقات الانتخابات فى مجالات التوعية والتدريب.
ويتضمن النص المذكور قاعدة أخرى، هى تبعية الموطن الانتخابى لمحل الإقامة. وتقرر أغلب الأنظمة الانتخابية فى الدول العربية حق المواطن فى اختيار موطن انتخابى يختلف عن محل إقامته، إلا أن القاعدة المقترحة فى هذا السياق هى ثبات الموطن الانتخابى مع محل الإقامة، باعتبار أن محل الإقامة هو الأصل فى توجيه مخاطبة الدولة للمواطن.
وقد يرد على هذا التوجه تحفظ مفاده عرقلة الناخب من المشاركة يوم التصويت إذا كانت طبيعة عمله تبعده عن مركز الاقتراع التابع له بحكم إقامته، إلا أنه مردود عليه من زاويتين، الأولى أن أغلب الدول تقرر اعتبار يوم التصويت عطلة أو نصف عطلة، وحتى بالنسبة للفئات التى لا يتعطل عملها يوم التصويت فإن مدة التصويت تمتد الى ما بعد ساعات العمل الرسمية بما يتيح لهم المشاركة، والزاوية الثانية تتعلق بالتقنية المستخدمة فى التصويت، حيث أن تسجيل عملية التصويت آليا يتيح للناخبين الإداء بأصواتهم عن بعد، وفى أى مركز اقتراع متاح لهم، ولن يؤثر مكان مركز الاقتراع إذن على توزيع هيئة الناخبين وفقا لمحل الإقامة، وهى تقنيات أصبحت من أفضل الممارسات الديمقراطية المعاصرة، كما أنها تستخدم بالفعل فى أعمال وخدمات البنوك وسداد فواتير استهلاك المرافق والخدمات الأساسية كالكهرباء والتليفونات وغيرها.
بل إن تقييد مكان تسجيل الناخبين حسب محل إقامتهم يساعد كثيرا على مواجهة مساوئ فكرة "الصناديق الخاصة" أو مراكز الاقتراع المغلقة (للعاملين فى جهات حكومية أو فى وحدات ومعسكرات خاصة) التى تضع الناخب تحت تأثير المكان، وتوجيه الرؤساء والقادة مما قد يشوب إرادة الناخبين بعيب البطلان. وحتى فى حالة وضع مركز اقتراع مغلق لهذه النوعية من الناخبين، فإن الأخذ بتقنية الميكنة فى تسجيل التصويت سوف يحقق مراعاة خصوصية المكان وفى نفس الوقت يوجه صوت الناخب الى هيئة الناخبين فى الدائرة التى ينتمى إليها حسب محل الإقامة.
وعموما، يفضل فى توزيع مكاتب السجلات المدنية أن تراعى التوزيع الديمجرافى (الكمى والمكانى) للسكان، لتحقيق التوازن بين المناطق أو الدوائر الانتخابية، حيث يفضل المواطن تسجيل نفسه فى الجداول الانتخابية الموجودة فى أمكان قريبة من مقر السكن أو العمل، وربما لا يسعى إلا القليل للبحث عن مكان القيد المحدد له بواسطة الإدارة إذا كان بعيد المنال نسبيا (كسكان المناطق الريفية البعيدة أو الصحراوية النائية).
ز- موعد التسجيل
لا يجوز القيد فى جداول الناخبين إلا قبل ستين يوما على الأقل من يوم الاقتراع. وتنخفض المدة الى شهر واحد بالنسبة لكل من انتهى الحظر المؤقت على قيده بعد إعلان موعد الاقتراع ورغب فى قيد اسمه فى جداول الناخبين.
يلاحظ أن عملية التسجيل تكون مرهقة ومكلفة لإدراة العملية الانتخابية، والمشكلة لا تكمن فى التسجيل أو القيد فى الجداول الانتخابية فقط، فتنقية الجداول الانتخابية وتحديثها باستمرار من الأمور الهامة والتى تؤثر بشكل كبير على ديمقراطية سير العملية الانتخابية، فلا بد على القائمين على الجداول الانتخابية الحرص على تحديثها باستمرار وتنقيتها باستمرار. لذلك نجد أن الاتجاه الأقرب لتعزيز المشاركة هو فتح باب القيد فى الجداول الانتخابية طوال العام، سوى قبل الانتخابات بمدة محددة، حتى تستقر التوزيعات الجغرافية لقوائم الناخبين ويمكن إعداد معدلات التصويت والفوز فى الانتخابات، وخصوصا فى نظام الدوائر الفردية.
وبالنسبة لقيود المشاركة فى الانتخاب والترشح لبعض الفئات بحكم عملهم (كالقضاة والدبلوماسيين والعسكريين فى أغلب الدول العربية)، فإن هذا الحظر المؤقت بطبيعته يزول بمجرد انقطاع علاقة الشخص بالمهنة (بالإستقالة أو التقاعد) وحينها يجوز له أن يمارس كافة حقوقه بالانتخاب والترشح. والسؤال هنا يتعلق بمواعيد التسجيل فى جداول الناخبين، حيث يعد التسجيل شرطا لازما من شروط الترشح، وخاصة إذا كان للقيد مواعيد يحددها القانون، وهنا يقترح أن يسرى هذه الاستثناء من القاعدة، ولكن فى حدود نصف المدة.
ح- إثبات التسجيل فى جداول الناخبين
يصدر لكل من يسجل اسمه فى جداول الناخبين بطاقة انتخابية، تبين صورة الناخب وإسمه وتاريخ ميلاده ورقم قيده فى الجدول والمقر الانتخابى التابع له.
وقد تلائم هذه القاعدة ظروف الدول التى لا تأخذ بنظام الرقم الوطنى الموحد للمواطن، والذى يبين –ضمن أمور أخرى- البيانات الانتخابية للمواطن، وإنما تفصل بين بيانات السجلات المدنية وبيانات السجلات الانتخابية.
وفى هذه الحالة، فغالبا ما تتضمن البطاقة الانتخابية اسم الناخب ولقبه وصورته الشمسية وموطنه الانتخابى، ولكنها قد تتضمن أيضا مهنته وتاريخ قيده بالجداول ومحل إقامته.
ورغم أهمية هذه البطاقة، إلا أنها قد لا تصدر حتما لجميع المسجلين بالجداول الانتخابية، لاسيما إن كان التسجيل يتم بصورة تلقائية.
3- جداول الناخبين
هى السجلات الرسمية المقيد بها بيانات الناخبين، وتعد تحت إشراف اللجنة الوطنية للانتخابات، وتعلن بعض بياناتها للكافة بلا أية رسوم.
وعادة ما تحتوى هذه الجداول على تعريف شامل بالمواطن يتضمن الاسم واللقب وتاريخ الميلاد ومحل الإقامة وغيرها من البيانات التى تميز بين الأفراد المتشابهة أسماؤهم، وتكون مصحوبة بصورة لحاملها، وموثقة بالطرق القانونية الوطنية.
والمقصود بعبارة "بعض بياناتها" هو: الاسم ورقم القيد ومقر الاقترع، أما البيانات الأخرى فهى أقرب للبيانات الذاتية للمواطنين ولا يجوز الغطلاع عليها إلا فى ظل احترام الخصوصية وبناء على تشريع أو حكم قضائى.
وتختلف طريقة إعداد هذه الجداول من دولة لأخرى، فقد تكون يدوية أو آلية أو يدوية وآلية فى آن واحد. كذلك تختلف الدول فيما بينها فى طريقة مراجعة هذه الجداول والوقت المحدد لإجراء المراجعة بل والهدف من إجرائها، والأمر نفسه ينطبق على إجراءات إعلان الجداول وطريقة عرضها، وما يترتب على ذلك من طعون فى صحة هذه الجداول والجهة المسئولة عن البت النهائى فيها.
إلا أن هذه الصيغة المقترحة تتضمن ثلاثة أمور، الأول هو اعتبار هذه السجلات القرينة القانونية الوحيدة والقاطعة لتحديد هيئة الناخبين، والثانى إشراف لجنة مستقلة على غعداد وتحديث هذه الجداول، مع جواز الطعن على قراراتها أمام القضاء كمبدأ عام، والثالث هو مجانية الحصول على هذه السجلات، وللكافة، كضمان عملى للشفافية.
فى هذا السياق سيتم التعرف على كيفية إعداد ومراجعة جداول الناخبين فى عدد من الدول العربية، بالاضافة إلى طرق إعلانها والطعن فيها.
أ- كيف يتم إعداد جداول الناخبين؟
الجهة المسئولة عن تسجيل الناخبين هى ذاتها المسئولة عن إعداد الجداول الانتخابية، وقد تكون الجهة المسئولة جهة وحيدة أو عدة جهات.
وإعداد الجداول قد يتم آليا حيث تتولى تلقائيا الجهة المعنية إعداد جداول بأسماء الناخبين بمختلف نواحى الدولة، قد يتم الإعداد يدويا حيث يتم حصر الناخبين بكل ناحية بعد تقسيمها إلى مناطق فرعية صغيرة.
ومع ذلك ليست هناك طريقة تضمن سلامة هذه الجداول وتعبيرها الفعلى عن هيئة الناخبين دون مغالطات، لذا من الضرورة وجود إشراف مكثف على المراحل المختلفة لإعداد هذه الجداول، بداية من تسجيل الناخبين وصولا إلى تحريرها ومراجعتها وغصدار بطاقات الانتخاب. وقد يتم ذلك بعدة وسائل كتوزيع متطوعين متدربين لمراقبة أنشطة التسجيل فى سائر أنحاء البلاد لاسيما المناطق الأكثر عرضة لحدوث مشاكل، وكذلك مقارنة قوائم الانتخابات السابقة والقائمة الحالية للوقوف على أية متغيرات غير منطقية.
لكن تحقيق المراقبة الفعالة على إعداد الجداول الانتخابية يعترضه العديد من العقبات لعل أهمها إعداد فرق مدربة على كيفية تنفيذ خطوات المراقبة، الأمر الذى يزيد بدوره من الأعباء المالية لعملية تسجيل الناخبين برمتها.
وبغض النظر عن حجم التكلفة وكيفية تدبيرها وعن الطريقة الأفضل لتقليصها، لابد وأن تكون عملية تسجيل الناخبين:
- كاملة، بمعنى أن يتضمن الجدول الانتخابى جميع من تنطبق عليهم شروط الناخب وفقا للقانون الوضعى للدولة، بلا أى تمييز بين المواطنين.
- ملائمة، أى أن تراعى طرق التسجيل تحديث اللائحة باستمرار لملاحقة أية تغيرات ديمغرافية كانت أو جغرافية تطرأ على الناخبين قبل تاريخ الاستحقاق الانتخابي.
- صحيحة، تتضمن المعطيات المتعلّقة بالناخبين على نحو سليم وموثق.
- شاملة، ويُقصد بذلك تسجيل المواطنين المنتمين إلى كل الجماعات وإلى كل الفئات، فلا يكون استنسابياً حيال بعض الجماعات الممكنة التحديد.
ب- مراجعة الجداول الانتخابية
تستهدف تصحيح ما جاء بالجداول من بيانات سواء بادماج من لم ترد اسماؤهم بها، أو بتصويب ما حدثت مغالطة فى تسجيله، وتتم فى مواعيد دورية وعند الحاجة، وتكون بأكملها تحت إشراف اللجنة الوطنية للانتخابات.
بالإضافة إلى ذلك قد يكون الهدف من عملية المراجعة -التى تقوم بها أيضا فى أغلب الأحوال جهة التسجيل- إضافة من تنطبق عليه بمقتضى القانون شروط ومواصفات الناخب، وكذلك حذف من لم تعد تتوافر فيه مواصفات الناخب سواء بسبب الوفاة أو نقص الأهلية أو صدور أحكام قضائية بشأنهم، لذلك تعد هذه العملية من الأمور الهامة والواجبة لإضفاء مزيد من الثقة فى العملية الانتخابية.
أما عن موعد مراجعة الجداول فشأنه شان الجهة المسئولة عنها يختلف تنظيمه من دولة لأخرى، فبعض الدول تحدد موعدا ثابتا لمراجعة الجداول سنويا، وفى المقابل قد لا تلتزم دول أخرى بموعد محدد لمراجعة هذه الجداول وإن كان هذا لا ينفى حرصها على المراجعة السنوية لهذه الجداول.
ج- كيف تُعلن الجداول؟
جداول الناخبين هى سجل عام يحق لكل مواطن الاطلاع عليه، وتعلن بكافة الطرق الممكنة، تحت إشراف اللجنة الوطنية للانتخابات. وتلتزم وسائل الإعلام والصحف بنشر جداول الناخبين بطلب من اللجنة الوطنية، بدون نفقات أو رسوم.
وتجدر الإشارة الى أن الجداول محل الإعلان لا يجب أن تتضمن كافة بيانات الناخبين عن التسجيل، كما سبقت الإشارة، وإنما يكتفى بالاسم ورقم القيد ومقر الاقتراع، مع حفظ البيانات الأخرى (العنوان أو محل الإقامة، المهنة، السن..) فى قواعد بيانات جهة التسجيل.
وقد يكون هناك نوع من المركزية فى طريقة نشر هذه الجداول كأن يقتصر حق نشرها أو الإعلان عنها على جهة واحدة مركزية، وعلى العكس قد يتم اعلان الجداول ونشرها بنوع من اللامركزية بمراكز التسجيل عبر أنحاء الدولة.
أما عن موعد نشر الجداول فبعض الدول تحدد موعدا ثابتا للنشر، فيما قد لا تلتزم دول أخرى بموعدٍ محدد، وإن كان هذا لا يعنى إطلاق عملية الاطلاع على الجداول فى أى وقت. وهنا تجدر الإشارة إلى الدور المهم الذى يلعبه الإعلام فى نشر جداول الناخبين والإعلان عنها.
وقد تأخذ الدولة بأسلوب النشر فى كافة وسائل الإعلام (المرئى والمسموع والمكتوب وربما أيضا الألكترونى) والصحف، العامة والخاصة، بدون نفقات، أو تلجأ الى عدد من الصحف اليومية الكبرى واسعة الانتشار، ولاسيما المملوكة للدولة، لنشر الجداول تباعا أو فى ملاحق خاصة فى فترة إعلان الجداول، أو تكتفى بإتاحة الاطلاع عليها والحصول على نسخ منها (مجانا أو بمقابل رمزى أو بسعر التكلفة)، حسب الظروف المحلية بالدولة.
د- الطعن فى الجداول
تضع اللجنة الوطنية للانتخابات القواعد المنظمة لتقديم طلبات التصحيح فى أى واقعة تتعلق بالجداول الانتخابية والرد عليها والمدد المحددة لذلك. ويجوز لكل ناخب تقديم طلب بالطعن على صحة جداول الناخبين بالدائرة المقيد بها، وذلك الى أمام المحكمة الابتدائية المختصة جغرافيا، التى تنعقد فى هيئة غرفة مداولة وتفصل نهائيا فى الطعن خلال ثلاثة أيام.
وتتشابه أسباب الطعن فى معظم الدول حيث يمكن أن يقدمه ناخب ما يعتقد بوجود خطأ فى بياناته أو بيانات ناخب آخر بنفس الدائرة، أو رغبةً منه فى قيد اسمه طالما توافرت فيه شروط الناخب أو زالت عنه الموانع بعد إعلان الجداول وقبل انتهاء فترة الطعن عليها.
كما يمكن أيضا للناخب أن يطعن على صحة قيد غيره فى الجداول ممن ليس لهم حق الانتخاب، أو على غياب أسماء أشخاص لهم هذا الحق، على أن يعزز اعتراضه بالبيانات والمستندات الدالة على ذلك.
أما الجهة المختصة بالفصل فى الطلبات بتصحيح الجداول الانتخابية فهى عادة الجهات المسئولة عن تسجيل الناخبين وإعداد الجداول الانتخابية، ولا يعنى هذا أن قرارات تللك الجهات نهائية، بل يمكن الطعن عليها أمام جهات قضائية، هى المحكمة الابتدائية المختصة جغرافيا. ولا يستغرق غالبا قرار الفصل فى هذا النوع من الطعون فترة طويلة وإن كانت تختلف هى الأخرى من دولة لأخرى، والمقترح فى هذه القاعدة هو أن يكون الفصل فى اطعن على وجه الاستعجال- ثلاثة أيام-، وأن تكون قرارات المحكمة الابتدائية نهائية .
ثانيا: عملية الترشح
المرشحون، سواء على مجالس تمثيليلة أو على منصب كمنصب رئيس الدولة هم فاعل محورى فى العملية الانتخابية. وبالطبع، هناك شروط لابد أن تتوافر فى شخص المرشح حتى يقبل طلبه بالترشح، كما أن هنالك إجراءات وضمانات معينة ملزمة لكل من يرغب فى ترشيح نفسه، وهو ما يمكن التطرق إليه على النحو التالى.
1- شروط الترشح
يشترط فى المرشح لعضوية البرلمان أن يكون مقيدا فى إحدى جداول الناخبين، وأن يبلغ 25 سنة ميلادية يوم التصويت، وينخفض السن الى 21 سنة ميلادية بالنسبة للمجالس المحلية والبلدية، ويرتفع الى 35 سنة ميلادية بالنسبة لمنصب رئيس الدولة، وأن يكون حاصلا على شهادة التعليم الأساسى/الإلزامى على الأقل.
ويعنى هذا المقترح الشروط التالية:
أ- أن يكون وطنيا (يحمل جنسية الدولة دون أية جنسية أخرى، وفقا للقانون الوطنى)
ب- أن يبلغ السن المقرر لشغل مقعد بالبرلمان، أو بالمجالس البلدية، أو مقعد الرئاسة.
ج- أن يكون اسم المرشح مقيدا فى جداول الانتخاب، بالشروط المقررة (كما ذكر سابقا)
د- أن يكون حاصلا على الحد الأدنى من التعليم الإلزامى.
ولا يتضمن هذا المقترح اشتراط قيد خاص أكثر مما سبق، مثل مرور سنوات معينة للقيد فى الجداول، ولكنه فى نفس الوقت يتضمن القيود الواردة على القيد فى جداول الانتخاب ابتداءً.
فالأصل العام أن جميع المواطنين لهم حق الترشيح عند بلوغ سن معينة، وبمجرد توافر شرط الجنسية باعتبارها العلاقة القانونية التى تحدد منظومة الحقوق والواجبات لكافة المواطنين. إلا أن هناك إجماعا على أن يكون شرط الجنسية هو الشرط الأساسى لتمتع الناخب بحق الترشح، مع التمييز بين حق الانتخاب وحق الترشح بالنسبة لمكتسبى الجنسية (بالتجنس وليس بالميلاد)، حيث يضاف قيد زمنى مثل الإقامة المعتادة والدائمة مدة عشرة سنوات لمكتسب الجنسية ليقيد فى جداول الناخبين، وإضافة مدة أكبر بالنسبة للترشح، أو قد يصل الى حظر الترشح تماما بالنسبة لمكتسبى الجنسية حتى لو مارسوا حق الانتخاب. وقد يضاف قيد سياسى آخر هو اشتراط موافقة وزارة الداخلية، أو سلطة أعلى، على إقرار حق الانتخاب والترشح لمكتسبى الجنسية.
كذلك، فبعض الدول تحظر على مواطنيها اكتساب جنسية أخرى، على إطلاقها، بحيث يؤدى ذلك الى سقوط الجنسية الأصلية، أو تقيد الحقوق السياسية فقط لمزدوج الجنسية، أى بالنسبة لحقوق الانتخاب والترشح فقط.
وأيضا، هناك اختلافات بشأن شرط السن، وإن كان هناك شبه اتفاق على عدم التفرقة بين المرشحين بحسب النوع، مع وجود دول تقصر عضوية البرلمان فيها على الذكور، ودول أخرى تضع شروط خاصة للترشيح.
أما من حيث الخلفية التعليمية فقد اشترطت كافة النظم القانونية فى المنطقة العربية ضرورة توفر شرط إجادة القراء والكتابة على الأقل، إلا أن المقترح هو اعتبار اجتياز التعليم الإلزامى (حوالى 9 سنوات، أو ما يسمى الصف التاسع، أو الشهادة الإعدادية) هو الحد الأدنى فى المرشح لهذه المناصب البرلمانية والتنفيذية.
2-الحظر على الترشح
لا يجوز للعسكريين وأعضاء هيئة الشرطة وأعضاء القضاء والنيابة العامة وأعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى وحكام الأقاليم والوحدات المحلية عضوية البرلمان، بالانتخاب أو بالتعيين.
وهذا الحظر يحقق ما يلى:
أ- سريان الحظر بالنسبة للترشح، أو التعيين فى البرلمان، بمجلسيه (ويمتد الى حظر الجمع بين عضوية غرفتى البرلمان إذا تشكل من غرفتين)
ب- الحظر مقترن بالاستمرار فى المنصب حتى لحظة التقدم للترشح أو التعيين، فإذا انقطعت هذه العلاقة يزول الحظر من تلقاء نفسه، على أن يستشنى هؤلاء من مدة القيد بالجداول الانتخابية، ويتم قيدهم فور تقديم طلب القيد، فى ضوء الشروط العامة للناخبين.
كما تحرم بعض القوانين الوطنية عددا من شاغلى المناصب الرسمية الأخرى كالوزراء وموظفى الحكومة أو الإدارات العامة وموظفى الهيئات العربية والاقليمية والدولية.
بالإضافة إلى الافراد المحرومين من حق التصويت بموجب حكم قضائى، والاشخاص الصادرة عليهم احكام جنائية غيابية، والمحجور عليهم قضائيا، والاشخاص المحكوم عليهم بالتجريد من الحقوق الوطنية، استبعدت بعض القوانين الوطنية فئات من ممارسة هذا الحق مثل أو المحكوم عليهم بعقوبة جنائية، أو عقوبة حبس نافذة أو موقوفة التنفيذ من أجل جناية أو إحدى الجنح، كما أن هناك حالات حرمان خاصة فى دول دون غيرها.
3- التأمين المالى للمرشح
تحدد اللجنة الوطنية للانتخابات قيمة التأمين الذى يودعه المرشح لدى "صندوق دعم الانتخابات" على ألا يتجاوز نسبة 5% من الحد الأقصى للإنفاق على الحملة الانتخابية الذى تقرره اللجنة.
ويلاحظ أن هذه القاعدة تعتمد على الأخذ بالفكرة التى تتضمنها قاعدة أخرى حول سقف الإنفاق على الحملة، الواردة فى هذا الدليل، بحيث تقوم اللجنة الوطنية للانتخابات بتحديد سقف الإنفاق، ثم -بناءً عليه- تحدد قيمة التأمين المطلوب من المرشح.
ومن ناحية أخرى، قد يعتمد النظام الانتخابى على القوائم (الحزبية أو المفتوحة..)، وبالتالى يتم التعامل مع قيمة التأمين بنفس القاعدة، بحيث يكون المعيار هو عدد المرشحين على القائمة/ اللائحة، أو بمعيار قيمة التأمين الإجمالى للقائمة ككل، كوحدة للقياس. وفى الحالتين، فإن المبدأ الذى يجب التأكد من توافره هو تكافؤ الفرص والعدالة فى سداد التأمين بين المرشحين.
ومن ناحية ثالثة، فإن طريقة سداد هذا التأمين تتسم بالمرونة، حسب النظام المالى فى الدولة، فقد يتم الأخذ بخطاب الضمان البنكى أو شيك مقبول الدفع أو نقدا، وفى كل الأحوال فإن الطريقة يجب أن تمكّن اللجنة من استقطاع المبالغ المقررة من هذا التأمين.
4- إجراءات الترشح
يتقدم الناخبون الراغبون فى الترشح بطلب كتابى تعده اللجنة الوطنية المشرفة على الانتخابات، ويكون مصحوبا بالمستندات المطلوبة للترشح والرسم أو التأمين الذى تقرره اللجنة، وفى المدة التى تحددها، بنفسه أو من خلال وكيل قانونى.
تختلف إجراءات الترشح فيما بين الدول، كما تختلف أيضا الجهة المسئولة عن تسجيل طلب الترشيح، والمدة المحددة لتقديم الطلبات.
وتتضمن هذه القاعدة ضرورة أن يكون المرشح ناخبا أساسا، وأن يقدم طلبا كتابيا الى اللجنة الوطنية للانتخابات (وفق الصيغة التى تقررها اللجنة)، وسداد الرسم أو التأمين المقرر، كما تتضمن ضرورة الإلتزام بالمدة القانونية (طوال مدة فتح باب الترشح)، إلا أنها تتسم بالمرونة فى إجازتها تقديم الطلب عن كريق وكيل، أى وكيل قانونى خاص، وفقا لأحكام القانون المدنى الوطنى.
ومن أهم المعوقات التى قد تواجه من يرغب فى ترشيح نفسه التكلفة المادية للترشيح، حيث تشترط بعض النظم أن يكون طلب التأمين مرفقا بمبلغ كتأمين لا يسترد، أو يرد فى حال عدم الفوز لكن بشرط الحصول على عدد معين من الأصوات. وتعتمد القاعدة السابقة على مبدأ التأمين كضمان لجدية المرشح.
وأخيرا، تتضمن القاعدة أيضا مبدأ حق اللجنة الوطنية للانتخابات فى تنظيم عملية الترشح، من خلال مجموعة المستندات التى تشترط على المرشح تقديمها لقبول طلبه، وقد يكون من بينها شهادة دراسية لمستوى التعليم الأساسى على الأقل، وبيان بحساب بنكى للحملة الانتخابية، وصحيفة الأحوال الجنائية، وشهادة قيد فى جداول الناخبين، وشهادة أداء الخدمة العسكرية (خدمة العلم)، وفقا للقانون الوطنى.
5- إعلان قوائم المرشحين
تعلن اللجنة الوطنية للانتخابات قائمة المرشحين فى الانتخابات
ويتضمن ذلك الأمور التالية:
أ- عرض أسماء المرشحين
يجب على اللجنة الوطنية للانتخابات عرض أسماء المرشحين فى وسائل الإعلام والصحف، بدون أية رسوم، وذلك طوال مدة أسبوع على الأقل.
ويتضمن ذلك صحفا يومية أو أسبوعية، ووسائل الإعلام الوطنية، سواء تضمن النشر كافة أسماء المرشحين مرة واحدة أو على مراحل، وفقا مراحل العملية الانتخابية، وللإمكانات الوطنية. كما تتضمن القاعدة إعفاء النشر من كافة رسوم النشر باعتبار ذلك ركنا جوهريا فى العملية الانتخابية، ومصلحة عامة للمجتمع. بل سوف نرى أن الدليل يتبنى نفس التوجه بالنسبة لنشر جداول الناخبين أيضا.
وفى الواقع العملى، فالأغلب هو أن تحرص الصحف ووسائل الإعلام من تلقاء نفسها على الحصول على أسماء المرشحين ونشرها لما تمثله من "مادة إخبارية" هامة، تشغل الرأى العام.
ب- الرموز الانتخابية
تضع اللجنة الوطنية للانتخابات قائمة من الرموز تخصص للمرشحين وفقا لأسبقية تقديم طلبات الترشح.
ويجب أن تراعى اللجنة فى ذلك اختيار مجموعة رموز تتناسب مع الواقع الثقافى والاجتماعى الوطنى، وتجنب الرموز التى توحى بأمور دينية أو حزبية أو طائفية.
ومن المعروف أن استخدام الرموز ممكن –بجوار أسماء المرشحين- فى حالة المقاعد الفردية، وكذلك فى نظام الانتخاب بالقوائم، فالغرض من استخدام هذه الرموز بجوار أسماء المرشحين – وليس بديلا عنها- هو التيسير على الناخب، وخصوصا فى حالة انتشار الأمية، وبالتالى يمكن النظر الى مسألة الرموز على أنها ضرورية ولكنها انتقالية.
ج- الطعن على قوائم المرشحين
لكل ناخب الحق فى تقديم طعن على قوائم المرشحين التى تعلنها اللجنة الوطنية للانتخابات، وذلك بطلب يقدمه للجنة خلال أربع وعشرين ساعة من إعلان أسماء المرشحين، على أن تفصل اللجنة فى كافة الطعون خلال ثلاثة أيام التالية، تعلن بعدها الأسماء النهائية للمرشحين، على ألا تقل المدة بين إعلان الأسماء النهائية ويوم التصويت عن شهر. ولكل مرشح قررت اللجنة شطب اسمه أن يطعن على قرارها أمام محكمة النقض/التمييز خلال أربع وعشرين ساعة، على أن تفصل المحكمة فيه خلال ثلاثة أيام، ويكون حكمها نهائيا.
والمقصود بالقوائم فى هذه القاعدة هو المعنى الشكلى، أى مجموعة أو حصر بأسماء المرشحين، وليس المعنى الانتخابى (نظام الانتخاب بالقائمة النسبية).
والنص السابق يتيح فرصة الاعتراض على أسماء أحد من المرشحين، بواسطة أى ناخب، حتى يتوفر فيه الحد الأدنى من "المصلحة"، وذلك بالطريقة التى تقررها اللجنة الوطنية للانتخابات. والمرونة فى شروط قبول الطعن بالنسبة لمصلحة الطاعن، والإكتفاء بمجرد كونه ناخب فى الدائرة، يعتبر توسعا فى إفساح المجال للشفافية، على خلاف ما يأخذ به الدليل بالنسبة لأمور أخرى، مثل الطعن فى قرار اللجنة حول نتائج الانتخابات، حيث تشترط القاعدة قبول الطعن من مرشح خاسر على منافسه الفائز فى انتخابات نفس الدائرة، كما سيلى فى المرحلة الثالثة من هذا الدليل.
وتتضمن القاعدة عدة شروط عامة، تتضمن مددا زمنية محدودة للغاية، لتأمين استقرار العملية الانتخابية والمراكز القانونية لأطرافها، وهو نفس التوجه الذى أخذ به الدليل فى شأن استقرار مشروعية جداول الناخبين.
وهذا بالفعل ما استهدفته معظم القوانين الوطنية من ذلك الإجراء، الذى يجب أن يتم خلال مدة معينة، علما بأن الجهة المنوط بها البت فى طلبات الطعن تختلف من دولة لأخرى. وفى أغلب الدول العربية، فحتى يتم قبول الطعن لابد وأن يتم تقديمه خلال مدة معينة وإلا بطل استخدامه، وبالطبع تختلف هذه المدة شأنها شأن الجهة المسئولة عن الفصل فيه من دولة لأخرى، وبمجرد البت فى الطعون وإعلان الأسماء النهائية للمرشحين تستقر المراكز القانونية لهم كمرشحين، أى بتوافر كافة شروط الترشح فى هذه الأسماء، علما أن الطعون التى ترد بعد ذلك لا يجوز أن تقبل شكلا.
وفى حين تترك بعض الدساتير هذه المدة مفتوحة حتى خلال عضوية البرلمان مع ترك صلاحية الفصل فيها للبرلمان نفسه، يجب وفقا لهذه القاعدة أن يتم ذلك خلال فترة محددة تستقر بعدها المراكز القانونية للمرشحين (الفائزين والخاسرين)، وأن تنتهى هذه الفترة قبل بداية انعقاد المجلس بشهر على الأقل، كما سيلى لاحقا.
المرحلة الثانية: خلال عملية التصويت
نأتى هنا للمرحلة الثانية من مراحل العملية الانتخابية، وهذه المرحلة تتضمن قسمين، الأول يتعلق بإجراءات التصويت وشروطه، والثانى حول مراقبة الانتخابات، أو بمعنى أقرب، مراقبة الانتخابات أثناء عملية التصويت، حيث يغلب على عمليات مراقبة الانتخابات أن تركز على هذه المرحلة من العملية الانتخابية، أى خلال فترة الاقتراع.
أولا: إجراءات التصويت
غالبا ما يحدد القانون المنظم للعملية الانتخابية –مباشرة الحقوق السياسية- طريقة الإدلاء بالصوت فى العملية الانتخابية. وتختلف هذه الطرق من دولة لأخرى، وتتباين الدول فيما بينها فى الإجراءات المصاحبة للتصويت ونوعية القائمين بالإشراف على التصويت، وموعد بدء التصويت والانتهاء منه، وكذا توضيح من له الحق بالتواجد فى المقر الانتخابى، وكلها أمور قد تتناولها القوانين الوطنية. وتتضمن هذه المرحلة القواعد التالية.
1- الإشرف على عملية التصويت
تشرف اللجنة الوطنية للانتخابات على عملية التصويت.
ويعنى ذلك أن الجهة المقترحة لمراقبة سلامة اجراءات التصويت، ومطابقتها للقانون وبعدها عن التزوير لضمان انتخابات نزيهة هى هذه اللجنة (الوطنية المحايدة)، حيث تعد عملية الإشراف على التصويت الركن الأساسى من الرقابة على العملية الانتخابية، فالتصويت هو الفيصل فى تحديد نتيجة الانتخابات، ولذلك فإن إحكام الرقابة على عملية التصويت ركن من أركان الانتخابات الحرة والنزيهة.
ونجد فى الواقع العربى الكثير من الشكوك والانتقادات لسلامة عملية التصويت، حيث أن البعض قد لا يكون مقيدا بالجداول، أو قد تتاح له الفرصة للتصويت أكثر من مرة، وفى حالات أخرى قد يسجل الشخص نفسه فى أكثر من دائرة انتخابية، ولذلك نجد أن الدول العربية تتجه باستمرار لتحديث طرق الإدلاء بالأصوات الانتخابية لجعلها أكثر نزاهة وحيدة.
وعلى أية حال تتباين الدول فيما بينها من حيث طبيعة الجهة المناط بها الإشراف على عملية الاقتراع/ التصويت او عددها، فقد تتولاها جهة واحدة لاغير، وقد تتوزع بين أكثر من جهة. ورغم هذا التباين إلا أنه فى أغلب الأحوال تتشابه المهام التى تضطلع بها الجهات المشرفة على عملية التصويت، حيث تمتد لتشمل إعداد وتجهيز مراكز الاقتراع، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لانتظام عمليات الاقتراع، وفرز أصوات المقترعين وتدوين نتائج الفرز فى المحاضر الخاصة بذلك ونقلها.
أما عن أهم الطرق الشائعة فى مراقبة عملية التصويت، فيشير دليل "المعهد الديمقراطى الوطنى للشئون الخارجية" “NDI” إلى أن موظفو الانتخابات هم المسئولون عن إدارة عملية الاقتراع طبقا للقوانين والتنظيمات المحددة، لكنه يؤكد فى الوقت نفسه على أهمية وجود مراقبون للعملية التصويت يتابعوا سلوك موظفى الانتخابات بما يحول دون حدوث أى تلاعب.
2- مواعيد التصويت
تجرى عملية التصويت خلال عشرة ساعات على الأقل فى اليوم الواحد وبحيث لا تقل فترة التصويت عن إجمالى المدة التى يستغرقها عدد المقيدين فى الجدول الانتخابى للصندوق مضروبا فى دقيقة للناخب، ويجوز مد الفترة أمام من يتواجد فى مقر الاقتراع بعد هذه الفترة للإدلاء برأيه.
وفى التطبيق العملى لهذه القاعدة، فإذا كان متوسط عدد المقيدين فى اللجنة/الصندوق الواحد 500 ناخبا، فإن الحد الأدنى لفترة التصويت هى 1000 دقيقة، أى 8.5 ساعة، وهى مدة معقولة، لاسيما إذا أخذنا فى الاعتبار الفارق الدائم بين إجمالى عدد المقيدين وعدد المشاركين فى الانتخاب فعلا، وهى قليلا ما تتعدى حاجز النصف فى أفضل الأحوال.
مما لا شك فيه أن القوانين الوطنية تحرص على تحديد مواعيد بدء وانتهاء عملية التصويت، وأيضا تشير بعضها إلى الاستثناءات أو الحالات التى قد يمتد بها التصويت، وتشير الخبرات الدولية إلى السماح ببدء التصويت للمواطنين الذين لهم حق التصويت ومتواجدين بالخارج قبل الموعد المحدد بأسبوعين حيث يكون التصويت عن طريق إما البريد أو الوسائل الألكترونية أى عن طريق الانترنت. ومن الواضح أنه فى حالة الأخذ بطرق التصويت الألكترونى فإن مواعيد التصويت لن تشكل إشكالية ذات وزن أمام الناخبين.
وبمراجعة القوانين فى العالم العربى، نجد ثمة اتفاق بين الدول على أن يبدأ الاقتراع وينتهى فى اليوم نفسه، وإن كان هناك بعض التباين بينهم فى مواعيد البدء والنهاية وعدد الساعات المتاحة للتصويت. ولا يعنى تحديد عملية التصويت بمواعيد بدء ونهاية الالتزام الجامد بها، فرغم حرص هذه الدول على أن يبدأ التصويت فى موعده إلا إذا كانت هناك ظروف خاصة حالت دون ذلك، فإن لديها دائما مرونة ملحوظة فى مواعيد غلق باب التصويت.
3- من يسمح له بالتواجد داخل المقر الانتخابى؟
تضع اللجنة الوطنية للانتخابات قواعد تواجد المرشحين أو مندوبيهم المعتمدين فى مقر الإقتراع، بما يضمن تكافؤ الفرص بين المرشحين ويراعى سلامة العملية الانتخابية، وتأمين الناخبين.
وكلما سمح النظام الانتخابى بتواجد مراقبين أثناء العملية الانتخابية وبالأخص داخل المقر الانتخابى كلما كان ذلك أقرب لمتطلبات الشفافية والنزاهة. فمما لاشك فيه إن المرشح يحتاج إلى فريق من المعاونين، سواء فى الدعاية الانتخابية (بمختلف صورها الحديثة والتقليدية أو حتى الشفهية) أو فى مراقبة عملية التصويت وحشد المؤيدين له، لاسيما مع وجود منافسين يكونون فى الوقت ذاته من ذوى العصبيات المنافسة.
ومن ثم فإن المندوبين عنصر أساسى فى الحملة الانتخابية للمرشح، وهم القوة الضاربة فى شعبيته، بل ومحدد هام لمصيره فى عملية التصويت، بصرف النظر عن نوعية الدائرة أو طبيعة المجتمع وخصائص عاداته واتجاهاته السياسية. والمندوب هو الممثل المعتمد للمرشح فى عملية الانتخابات. ولكن ليس كل ممثل معتمد مندوبا، وفق تعريف القانون للمندوب، حيث قد يكون "وكيلا" عن المرشح أيضا. بعبارة أخرى، فإن ممثل المرشح فى العملية الانتخابية قد يكون "مندوبا"، أى "لـمهمة محددة" –ولهذا يكون دوره محدودا بها- أو "وكيلا" عن المرشح، أى وكيل قانونى له، ولهذا يكون مخولا ممارسة حقوق المرشح المختلفة فى متابعة ومراقبة العملية الانتخابية.
4- إجراءات التصويت
تضع اللجنة الوطنية للانتخابات قواعد الإدلاء بالصوت
وتتباين الدول فيما بينها فى إجراءات التصويت ومنها على سبيل المثال كيفية التحقق من شخصية الناخب، وضمانات عدم تكرار الصوت الانتخابى، وكذلك آليات عملية التصويت نفسها والوسائل المستخدمة فى التصويت، وكذلك التعرف على أسباب صحة الصوت الانتخابى وأيضا أسباب بطلان الصوت الانتخابى، وأيضا كيفية التغلب على مشكلة عزوف بعض المواطنين عن المشاركة فى العملية الانتخابية لأسباب قد تتعلق بالعملية الانتخابية نفسها، وهذه كلها أمور جوهرية يمكن فحصها على النحو التالى.
أ- إعداد صناديق الاقتراع
صندوق الاقتراع هو الوعاء المادى الذى يضع الناخبون فيه استمارات التصويت، ويجب أن يكون شفافا، وفى حجم وشكل مناسب ومحايد حسب تعليمات اللجنة الوطنية للانتخابات.
وقد أصبح استخدام الصناديق الشفافة التى تكن من مراقبة سلامة محتوياتها بالعين المجردة من أفضل الممارسات المستقرة فى الانتخابات النزيهة. وبرغم كلفتها المحدودة، وإمكانية إعادة تشغيلها فى انتخابات أخرى لا يخلو منها المجتمع وبالتالى فقد تدر عائدا اقتصاديا، لا تأخذ الكثير من الدول العربية بهذه الصناديق، وإنما تستخدم صناديق خشبية عتيقة وثقيلة عليها أقفال وتختم بالشمع الأحمر، ولكنها لا تحقق أية شفافية، بل ولا تمنع العبث بها وبمحتوياتها، كما أن إعدادها وصيانتها وإعادة دهانها قد يكلف أكثر من استخدام الصناديق البلاستيكية الشفافة.
ب- التحقق من شخصية الناخب
لا يجوز للناخب الإدلاء بصوته إلا بتقديم إثبات الشخصية الى الجهة المشرفة على عملية الانتخاب.
فبرغم أهمية البطاقة الانتخابية فى التعرف على هوية الناخب، وذلك باعتبارها وسيلته للإدلاء بصوته والمشاركة فى العملية السياسية، إلا أن عدم حيازتها لا يحول فى بعض النظم دون مشاركة المواطن طالما تم قيده فى الجداول، لأن القاعدة العامة هى أن إثبات التسجيل فى الجداول يكون بالجداول ذاتها، مع حق الطعن على صحتها للكافة.
أى أنه يجوز للناخب المقيد اسمه فى الجداول الانتاخبية أن يثبت هويته بكافة الطرق الرسمية (مثل جواز السفر، أو الهوية المدنية أو رخصة القيادة)، وذلك بهدف التيسير على المواطنين والسماح لأكبرعدد منهم فى المشاركة، وكذلك لأن العبرة فى إثبات القيد هى أصل الجدول الانتخابى لدى الجهة الرسمية.
ج- كيف يحدث التصويت؟ وما هى التقنية المستخدمة؟
يقوم الناخب بوضع علامة أمام العدد المطلوب من المرشحين فى استمارة التصويت، ويجوز أن يطلب الناخب لأسباب صحية قيام أحد الناخبين بذلك نيابة عنه أمام المشرف على الانتخابات
ومن المفضل أن توفر الجهة المشرفة على الانتخابات أقلاما مثبتة فى أماكن التصويت، تيسيرا على الناخبين. كما أنه مما لا يحتاج الى تأكيد ضرورة حماية السرية فى الاقتراع، بتوفير ساتر معقول للناخب للإدلاء بصوته (ستائر أو حواجز جانبية تفصل بين الناخب والآخرين).
وتختلف طريقة التصويت فى الانتخابات باختلاف الدول نفسها ومدى اعتمادها على التكنولوجيا الحديثة أو مدى استعدادها لتغيير بعض النظم أو الوسائل والآليات المستخدمة فى العملية الانتخابية، بل وباختلاف الناخبين أنفسهم، فالطريقة التى يدلى بها الناخب صوته تختلف فى حال ما إذا كان يجيد القراءة والكتابة أم أنه أمى، حيث أنه فى الحالة الأولى يتمكن أن يباشر هذا الحق بنفسه، أما فى الحالة الثانية فلابد وأن يساعد فى ذلك شخص آخر قد يكون من داخل لجنة الاقتراع نفسها أو من خارجها. كما يجوز لأسباب صحية قيام ناخب بالتأشير نيابة عن ناخب آخر (معوق بيده أو كفيف مثلا) أمام المرشحين الذين يختارهم الأخير، بشرط أن يتم ذلك أمام المشرف على الانتخابات فى الصنوق/اللجنة/ مركز الاقتراع، بحسب الأحوال، وتوثيق الواقعة فى محضر اللجنة. وتزداد أهمية هذه "الرخصة" فى حالة الأخذ بطريقة تصويت تتطلب توقيع الناخب أو استخدام تقنية يصعب عليه استخدامها.
ورغم أهمية مساعدة هذه الفئة من غير القادرين صحيا على مباشرة هذه العملية بأنفسهم، إلا أن هذه المساعدة قد تتيح للقائمين على عملية الاقتراع فرصة للتحكم فى بيئة الاقتراع والتأثير على الناخبين.
د- شروط صحة الصوت
لايكون الصوت الانتخابى صحيحا إذا أبدى الناخب رأيه لعدد أكثر/أو أقل من العدد المطلوب انتخابه، أو ترك رأيه معلقا، أو وضع علامة مميزة على استمارة التصويت.
أى أن إدلاء الفرد بصوته فى أية انتخابات لا يعنى أن صوته أصبح محتسبا ضمن الأصوات الصحيحة للناخبين، فقد يتم استبعاد أصوات بعض الناخبين واعتبار بطاقتهم الانتخابية باطلة إذا خالفوا القاعدة السابقة، وهو ما ستضح فى عملية الفرز.
هـ- إثبات مشاركة الناخب ومنع تكرار التصويت
تقوم الجهة المشرفة على الاقتراع بوضع علامة بجوار اسم كل ناخب حضر التصويت، ويجب توقيع الناخب أو أخذ بصمته قبل استلامه استمارة التصويت.
فدليل الحكم على نزاهة الانتخابات من عدمها هو طريقة التحقق من شخصية الناخب، فكلما زادت ضمانات التحقق من شخص الناخب واحكام عملية اثبات شخصيته كلما كانت هذه الضمانة الاولى والهامة لنزاهة الانتخابات وتطبيق معنى الديمقراطية,
ويلاحظ أن من شروط الانتخاب الصحيح أن يثبت الناخب شخصيته إلى القائم على عملية التصويت أيا كان، وأن يتم التحقق من شخصيته قبل إعطائه ورقة الانتخاب. وفى الحقيقة لا تحتوى معظم القوانين العربية المنظمة لعملية الانتخابات على صورة محددة لتحقيق الشخصية، أى لم توضح وسيلة محددة لإثبات الشخصية، بحيث يجوز إثباتها بأى وسيلة، بما فيها شهادة الشهود، كما هو الحال بمصر حيث يفترض أن القائمين على اللجنة على معرفة كافية بالمواطنين المقيدين بها معرفة للتحقق من شخصية كل منهم.
وحول أكثر الأساليب شيوعا فى التحقق من هوية الناخب كما جاء بدليل "المعهد الديمقراطى الوطنى للشئون الخارجية" “NDI” يتم بداية من خلال مقارنة القائمين على التصويت لبطاقات الناخبين الشخصية مع قائمة التسجيل من أجل التأكد من أن الناخب يحق له الانتخاب وأنه ينتخب فى المكان الصحيح، بل ويقوموا فى بعض الحالات إذا تطلب الأمر بفحص جزء من يد من سيدلى بصوته (مثل الإبهام أو الإصبع) لمعرفة ما إذا كان هناك حبر من النوع الذى تصعب إزالته والذى يساعد على توضيح ما إذا كان الشخص قد أدلى بصوته فعلا أم لا.
ومن حيث ضمانات عدم تكرار الصوت الانتخابى، تتضمن القاعدة السابقة توقيع الناخب أو أخذ بصمته، أو كل هذا معا.
إلا أنه فى بعض الحالات يتعذر إلزام الكافة بتقديم بطاقة الانتخاب أو وثيقة تحقيق الشخصية إبتداءً، وفى هذا الصدد يجوز للناخب أن يدلى بصوته من خلال ما يعرف بالتصويت بالتعارف (أى بشهادة الشهود)، طالما كان اسمه مقيدا فى جداول الناخبين، وهذه المسألة تحديدا من الأمور التى تخضع للكثير من التشكيك، إلا أنها تبدو لازمة فى ظروف قاهرة مثل الكوارث أو عدم الاستقرار وغياب السجلات الرسمية للناخبين.
وفى الحالتين، يجب استخدام وسيلة لمنع قيام الناخب بالتصويت أكثر من المقرر له، فيما يعرف بالحبر الخاص (الفوسفورى أو الملون، أو وسيلة تشبه ذلك) يوضع على أصابع الناخب قبل استلامه استمارة التصويت، بل إنها وسيلة شائعة ايضا حتى فى ظل وجود جداول رسمية مستقرة وحيازة الناخبين للوثائق الرسمية المقررة للتصويت، كنوع من ضمان النزاهة فى عملية الانتخاب.
وتعد ظاهرة تكرار التصويت فى العملية الانتخابية من المشكلات التى كثيرا ما تعانى منها بعض الدول العربية، فنجد أنفسنا فى حيرة وهى أننا أمام ظاهرة قيام المواطن بالتصويت أكثر من مرة، وفى أحيان كثيرة أخرى عزوف المواطنين عن المشاركة فى الانتخابات.
ونظرا لما تسببت فيه ظاهرة تكرار الصوت الانتخابى فى بعض الدول العربية من تزييف وهشاشة فى بنية الأجهزة القائمة على متابعة العملية الانتخابية، تتبنى العديد من الدول إجراءات متباينة لضمان إدلاء الناخب بصوته كما هو محدد له مرة واحدة فقط، وعدم حدوث تكرار.
وعن أكثر الطرق شيوعا لضمان عدم تكرار الصوت الانتخابى كما ذكر دليل "المعهد الديمقراطى الوطنى للشئون الخارجية" “NDI” وضع علامة على اسم و/أو رقم الناخب فى قائمة التسجيل وكذلك على بطاقته الشخصية أو اصنعه للدلالة على انه قد أدلى بصوته، وذلك لا يغنى عن قيام موظفو الانتخابات بالتأكد من صحة الإجراءات، وهنا يوصى الدليل بأهمية فحص الحبر المستخدم لتحديد ما إذا كان من الممكن إزالته بالغسيل أم لا، ومتى؟.
5- غياب الناخبين
لا يصبح انعقاد هيئة الناخبين صحيحا إذا حضر جمعية الانتخاب أقل ربع عدد المقيدين بجداول الانتخابات، وإلا أجريت إعادة خلال أسبوع. وتلتزم وسائل الإعلام الخاصة والعامة بالنشر المجانى لتعليمات اللجنة الوطنية للانتخابات بشأن دعوة الناخبين الى الاقتراع، حتى نهاية يوم الاقتراع.
ومفاد هذه القاعدة أمران:
الأول، هو اشتراط نصاب 25% على الأقل من إجمالى المقيدين فى جداول الانتخاب لكى تصبح الانتخابات صحيحة، قبل فرز الأصوات وإعلان النتائج، ويتم ذلك من خلال إجمالى عدد الحاضرين فى محاضر اللجنة/الصندوق/مركز الاقتراع، التى ينقلها رئيسها الى اللجنة الوطنية للانتخابات للتأكد من استيفاء هذا النصاب أولا وقبل بدء عملية فتح الصناديق لفرزها.
وقد تطبق القاعدة على مستوى الدائرة الواحدة، أو على مستوى الإقليم، وفقا لطبيعة النظام الانتخابى الوطنى ومراحل عملة الانتخاب فى كل دولة، أى قد تعاد الانتخابات فى دائرة بأسرها وتجرى صحيحة فى دائرة مجاورة لها، أو قد ينطبق النصاب على الدولة إذا كانت دائرة واحدة.
والواقع أن هذه النسبة تنخفض كثيرا عما تعلنه الحكومات العربية حول الانتخابات التى جرت بها على مدار العقود الماضية، إذ تقرر حكومات وصول نسبة المشاركة الى أكثر من 90% أحيانا، أى أن التخوف من هذا النصاب المحدود لن يكون له مبرر.
والأمر الثانى فى هذه القاعدة هو إلزام وسائل الإعلام والصحف بالقطع، الخاصة والعامة بنشر تعليمات اللجنة الوطنية للانتخابات بشأن دعوة الناخبين الى المشاركة، وأن يكون النشر بالمجان، ومن ذلك: عبارات موجزة عن أهمية المشاركة من أجل التنمية، إرشادات عن كيفية التصويت وتجنب البطلان، أرقام تليفونات ومراسلات اللجنة الوطنية للانتخابات..، على أن يستمر هذا الإلتزام حتى نهاية يوم التصويت. وينطبق الأمر طبعا على الانتخابات الأصلية أو انتخابات الإعادة أيضا.
ويعد غياب الناخبين أحد المشكلات الرئيسية التى تواجه المرشح فى يوم الانتخاب فى معظم الدول العربية. فهناك ناخب غائب يريد الابتعاد عن الحياة السياسية ويرى أنها لا تحقق له أية مصلحة مباشرة أو غير مباشرة. وهناك ناخب غائب لا يثق فى نتائج الانتخابات، ولذا فإنه يفضل الراحة والاسترخاء. وهذا النوع قد يكون لديه رغبة فى المشاركة فى الحياة السياسية أى أنه أقل تطرفا من النوع الأول، إلا أنه لا يثق فى نزاهة وحيادية العملية الانتخابية، كما أنه ليست لديه الثقة فى أن صوته الانتخابى سيؤثر على هذه العملية، ويرى أن صوته لا قيمة له. وأخيرا، هناك ناخب غائب لأنه يرفض الأسس الرئيسية التى يقوم عليها المجتمع، وقد يبرز ذلك فى مقاطعة بعض الأحزاب السياسية للانتخابات أو مقاطعة بعض الأفراد للانتخابات عموما.
وفى الواقع، يجب أن ينشط المرشح فى بناء استراتيجية مناسبة للتعامل مع هذه الظاهرة قبل إقرار أى خطة للتحرك لتشجيع الناخبين على الذهاب إلى صناديق الاقتراع. وتكمن أسس هذا العلاج فى إقناع المواطنين بمدى الفائدة المباشرة وغير المباشرة التى ستعود على المواطن من الإدلاء بصوته، وأهمية ذلك أيضا لبناء أسرته اجتماعيا واقتصاديا. فلكى يقتنع المواطن بأهمية الانتخاب يجب أن تكون لديه قناعة أولية فى مدى ارتباط مصلحته الشخصية والأسرية والمجتمعية -سواء كانت هذه المصلحة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية- بالإدلاء بصوته الانتخابى حيث أنه إذا ما انتفى الارتباط بين مصالحه وبين الإدلاء بصوته فإنه لن يذهب لصندوق الانتخاب، ولن يجدى معه التأكيد على أن الانتخاب واجب قومى.
وفى هذا الخصوص فإن وسائل الإعلام ورجال الدين إذا عليهم أن يتكاتفوا للقيام بدورهم الرئيس لإقناع المواطن للإدلاء بصوته الانتخابى. إلا أن فحوى الرسالة الإعلامية أو الدينية يجب أن يؤكد على التلازم بين المصالح، والانتخاب. فلا يكفى أن تؤكد الرسالة الإعلامية أو الدينية أن الانتخابات واجب وطنى، وأنه إلتزام إجبارى يجب أن يقوم به المواطن، ما تفعل بعض الدول من خلال تهديد الناخب المتخلف عن المشاركة فى الاقتراع بدفع غرامات أو التعرق للعقاب بسبب الامتناع عن فعل أمر قانونى.
ومن المعلوم أن الرسائل الإعلامية أو الدينية لن تحقق غاياتها إلا فى ظل استعادة ثقة الجماهير فى نزاهة الانتخابات. وأن ثقة الجماهير فى الانتخابات تتوقف فى الأساس على إزالة القلق الذى يكتف الجماهير من بعض القوانين الاستثنائية، وكذلك تعقد الإجراءات. ولكن يجب أن يصاحب ذلك تخطيط للرسالة الإعلامية أو الدينية، وأن يراعى هذا التخطيط مخاطبة مصالح المواطن مباشرة، وكذلك مخاطبة مصالح أسرته الضيقة وأن يتأكد فى الرسائل الدينية معنى الشورى، والعهد، وبناء المجتمع. كما أن هذه الرسائل يجب أن تخاطب الأميين، وأنصاف المتعلمين، والمتعلمين، والمثقفين، والمفكرين..، بالإضافة إلى فئات المجتمع من الحرفيين والمهنيين والتجار وغيرهم دون أخرى، على أن توجه الرسائل الأخرى لمخاطبة الفئات الأخرى.
6- حياد الشرطة فى عملية التصويت
تكون اللجنة الوطنية للانتخابات مسئولة وحدها عن حفظ النظام داخل جمعية الانتخاب، وتحديد مهام الشرطة فى الفضاء المحيط بجمعية الانتخاب. ولا يجوز حمل أية أسلحة داخل جمعية الانتخاب إلا بأمر من اللجنة.
وما من شك فى أن إشكالية تدخل الحكومات فى العملية الانتخابية تبرز فى أشد حالاتها مرارة عند تدخل الأمن فى سير عملية التصويت، مما يقدم الدافع المادى لمصالح التدخل الأجنبى. والسؤال الذى تطرح هذه القاعدة هو: هل تستطيع اللجنة الوطنية للانتاخبات وحدها القيام بأعباء حفظ النظام وضمان النزاهة داخل مقر التصويت؟، وتقرر هذه القاعدة وجوب ذلك، مع توفير قوة الشرطة تحت أموار اللجنة، والتشدد فى حالة حمل السلاح حتى لأفراد الشرطة.
والشرطة فى هذا المعنى هى الجهة الشرعية لحغظ الأمن الداخلى، ومن باب أولى أن يمتد الحظر على القوات المسلحة أو يرها من أجهزة الأمن. ويمتد الحظر مباشرة الى المرشحين والناخبين وسائر المواطنين، حيث تتضمن القاعدة إلتزاما يقع على الكافة بالإمتثال لتعليمات اللجنة بشأن التواجد داخل مقر التصويت، بداية من تهيئة مقر الاقتراع، ومرورا بتنظيم الدخول ومرورا بوضع الإرشادات، وحتى الخروج من مقر الاقتراع.
ولا تتعارض هذه القاعدة مع صلاحيات اللجنة فى الإشراف على مراحل العملية الانتخابية الأخرى، خارج مقر الاقتراع، مثل تلك الموجهة الى السجلات المدنية أو الإعلام، وإنما تختص فى هذا الصدد بتنظيم دور الشرطة فى العملية الانتخابية أثناء مرحلة التصويت. أما ما يتعلق بسلوك الشرطة أو قوات الأمن خارج مقر الاقتراع فتنطبق عليه القواعد العامة، وفقا للقانون الوطنى، وما يتضمنه من حقوق وواجبات للمواطنين.
إلا أن هذه القاعدة تتضمن حظرا ضمنيا على سريان قوانين الطوارئ، على الأقل فى مجريات العملية الانتخابية، بكافة مراحلها (وفى هذه القاعدة، يتعلق الأمر بمقر الاقتراع والفضاء المحيط به)، حيث جاءت صلاحيات اللجنة فى القواعد السابقة بهذا الدليل حصرية وخاصة، والخاص يقيد العام، ولا يجوز الإحتجاج بسريان حالة الطوارئ فى عملية الانتخاب فى أية مرحلة من مراحلها.
ثانيا: مراقبة الانتخابات
يجب على فرق مراقبة الانتخابات، المحلية والخارجية، أن تحصل مسبقا على ترخيص من اللجنة الوطنية للانتخابات، وأن تمارس دورها وفقا للقواعد التى تضعها اللجنة.
وتتضمن هذه القاعدة ثلاثة أركان، أولها أن مراقبة الانتخابات مشروعة، ولكن من خلال فرق وليس كعمل فردى غير مؤسسى، وثانيها "الرقابة الوطنية على أعمال فرق مراقبة الانتخابات" وذلك من خلال استلزام الحصول على ترخيص مسبق ومستمر الصلاحية خلال فترة عمل فرق المراقبة (فإذا خالفته يسحب ترخيصها وتخرج من مظلة المشروعية القانونية للدولة)، وثالثها الدور الإيجابى للجنة الوطنية فى تفعيل هذه المراقبة كمظهر للاحترام مبدأ الشفافية والنزاهة، حيث تقوم اللجنة بوضع قواعد عمل فرق المراقبة، الموضوعية والإجرائية، وبما لا يغل قدرتها على مراقبة الانتخابات.
فالهدف الأساسى لمراقبة الانتخابات أيا كانت نوعيتها هو ضمان سلامة العملية الانتخابية ونزاهتها، ومن هنا حاولت القوانين الوضعية للعديد من الدول أن توفر الضمانات الكافية لجعل العملية الانتخابية تتم كما ينبغى، بينما نجد بعض الدول الأخرى لم تشكل لجنة خاصة وإنما أخضعت مخالفة القرارات الوزارية أو الإدارية التى تحدد المسائل الخاصة بالتمويل والإنفاق إلى القضاء بشكل عام، حيث أفردت تشريعات هذه الدول لمن يخالف أحكام هذه القرارات بعض العقوبات بشكل عام، ولم تخص مخالفة قواعد التمويل أو الإنفاق بالعقوبات الخاصة، وبالتالى يفصل فى هذه المنازعات ويقرر العقوبات بها القضاء العادى فى الدولة وتخضع للعقوبات الموجودة فى القوانين العادية.
وإلى جانب الجهات الرسمية المحلية القائمة على متابعة العملية الانتخابية ومراقبتها قد يشترك معها فى ذلك أعضاء آخرون من طرف المرشح، كما يمكن أن تشارك جهات خارجية/ إقليمية أو دولية الجهات المحلية، الرسمية وغير الرسمية، فى مراقبة الانتخابات .
ويجب أن تقتصر فرق المراقبة على المتطوعين، كوسيلة لضمان حيادهم، وتغطى جهات مانحة نفقات عمل هذه الفرق، دون نفقة من الدولة المضيفة، ومع ذلك فإن توافد هذه الفرق فى حد ذاته قد يجلب نوعا من الرواج السياحى ويحقق عوائد اقتصادية، بل إنه من الممكن أن تقدم اللجنة الوطنية للانتخابات خدمات معلوماتية وتدريبية بأجر/مقابل مالى لهذه الفرق (شرح قوانين الانتخابات، التعريف بالأوضاع الاجتماعية والنظام السياسى للدولة، أو تقديم بيانات وإحصاءات ..) وفقا للقواعد التى تضعها اللجنة ذاتها، وتحقق من خلالها دخلا إضافيا لـ"صندوق دعم الانتخابات".
وأغلب المنظمات الدولية تروج لفكرة الرقابة الدولية على العملية الانتخابية، ولعل أشهرها تلك التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأوربى ومنظمة الشفافية الدولية وغيرها من منظمات غير حكومية دولية، فى أوربا والولايات المتحدة بشكل أساسى. وهناك تيار غالب فى الفكر العربى يعتبر الرقابة الدولية تدخلا فى الشئون الداخلية، أو قد يضطر إليه البعض الآخر بسبب الربط بين التحقق الدولى من درجة النزاهة الانتخابية من ناحية ودرجة المعونات والمساعدات المقدمة من الجهات المانحة الدولية من ناحية أخرى، أو يعتبره اتجاه آخر وسيلة لتحسين الصورة الذهنية عن دولته لدى العالم الخارجى، أو عن قناعة بفوائد وجدوى المراقبة الخارجية المحايدة لضمان نزاهة الانتخابات، كمصلحة وطنية عليا.
و"الرقابة" (Monitoring/Observation) بالنسبة لعملية الانتخابات ليست رقابة على الانتخابات (بالعنى الرئاسى أو السلطوى) بل هى رقابة للانتخابات (بمعنى متابعة مباشرة أو عن كثب) وإعداد تقرير بالملاحظات التى تم رصدها، مع اعتبار أن مثل هذا النوع من التقارير ليست له أية صفة إلزامية من الناحية القانونية، اللهم إلا إذا كانت الدولة تحت الوصاية، وإنما هو تقرير "ملاحظ" (Observer) يجب أن يكون محايدا. وفى هذا قد لا يبدو أكيدا وجود اختلاف بين جدوى المراقبة المحلية والمراقبة الدولية للانتخابات.
كذلك، فإن الأخذ بما جاء فى تقارير المراقبين لا يمكن ولا يجب أن يكون نصيا أو حرفيا، حيث لا تخلو أية انتخابات من شوائب متنوعة الشكل والطريقة، ولكن الملاحظات الجوهرية التى تقدمها هذه التقارير هى تلك التى تتسم بالمنهجية أو التكرار أو التعمد الظاهر، مثل منع الناخبين من دخول مقر الاقتراع، أو تقصير أجهزة الأمن فى تأمين صنايق الاقتراع بشكل متعمد وظاهر ومتكرر..، وكلها أشياء لا يريد التكتم عليها إلا من يأبى الشفافية.
وعن أهم الطرق المتعارف عليها فى مراقبة العملية الانتخابية كما جاء بدليل "المعهد الديمقراطى الوطنى للشئون الخارجية" “NDI”، فهناك نوعان من الرقابة على الحملات الانتخابية غاية فى الأهمية هما: الرقابة الذاتية التى تستهدف بالأساس تفادى رقابة وتدخل الحكومة, بل وتفادى الرقابة غير المباشرة أو التهديد والهجمات من قوات غير حكومية تهدف إلى منع وسائل الإعلام من تأدية دورها المشروع فى العملية الانتخابية .. وقد يستلزم هذا النوع من الرقابة أن يخفى الناشرون والمحررون معلومات دقيقة من أجل مصلحة متنافس سياسى يدعمونه أو من اجل الإضرار بمتنافس آخر يعارضونه، ومن هنا يأتى التأكيد على محورية عملية مراقبة وسائل الإعلام، وهى النوع الثانى من المراقبة، التى تتم من خلال تقييم مدى توفر وفاعلية آليات الشكوى التى تصل إلى وسائل الإعلام من أجل طلب الإنصاف ضد التعسف, وأيضا آليات الشكوى المتاحة للمتنافسين لتعوضهم عن سوء معاملة وسائل الإعلام لهم، علما بأن هذه الآليات يمكن أن تتضمن إجراءات أمام لجنة انتخابات حكومية وأمام مجموعة حكومية مسئولة عن الإشراف على وسائل الإعلام و/ أو أمام النظام القضائى.
وحتى تكون هذه المراقبة فعالة لابد وأن يتوفر فيها عدد من الشروط لعل أهمها درجة التغطية. فالتغطية الشاملة تتطلب توافر مراقب على الأقل لكل مركز اقتراع، وفى حال صعوبة تحقيق هذا يمكن أن تكون التغطية الجزئية، أى يمكن أن تتم من خلال توزيع فرق مراقبة على قطاع يضم عدة مراكز اقتراع، حيث يكلف كل فريق مكون من مراقب أو أكثر بمراقبة عدة مراكز اقتراع على مدى العملية الانتخابية بجملتها. ورغم أن النوع الأخير يضمن تغطية العمل الرقابى داخل المقار المختارة تغطية شاملة، لكنه لا يقدم إلا معلومات ضيئلة أو لا يقدم أية معلومات على الإطلاق عما يحدث فى المراكز التى لا يوجد فيها مراقبون بعض الوقت.
ومن وسائل التغطية الجزئية الأخرى توزيع فرق متنقلة تنتقل من مركز إلى آخر أثناء فترة الاقتراع، وعلى المستوى العملى تعتبر هذه الوسيلة أكثر تعقيدا وتكلفة (يتطلب مثلا سيارات دائمة لكى يكون فعالا) من أسلوب استخدام الفرق الثابتة، كما أنه لا يمكن للفرق المتنقلة أن تقدم تقييما شاملا للعملية فى مراكز فردية لأنها لن تبقى فى أى مكان واحد فترة الانتخابات كلها، وإن كان هذا لا ينفى ميزة هذه الطريقة فى الوصول إلى الحد الأقصى من المساحة الجغرافية ومن عدد المراكز الانتخابية وعدد الناخبين المسجلين الذين تتم مراقبتهم، وكذلك فما دامت الفرق تتبع خط سير غير معلن قبلا، فإنها قد تمثل ردعا محتملا لأعمال التلاعب، ويمكن كذلك للفرق المتنقلة أن تعود إلى أى مركز اقتراع أكثر من مرة.
ونظرا لأن الفرق المتنقلة قد لا تغطى كل مراكز الاقتراع، فإنه يجب تحديد الأولويات بوضوح وبناء على زيارة تلك المراكز، فيمكن مثلا تحقيق تغطية نموذجية واسعة فى القطر كله أو الدائرة الانتخابية تساعد فى وضع تقرير عن السمة العامة للانتخابات، ومن ناحية أخرى يمكن تركيز الجهود فى الأماكن التى عادة ما تشهد مشكلات انتخابية، أو حيث يكون من المتوقع وقوع صدام بين المتنافسين فى الانتخابات.
المرحلة الثالثة: ما بعد التصويت
تتضمن المرحلة الثالثة مخرجات العملية الانتخابية، وهى أدق عملية فى مراحل العملية الانتخابية حيث أنها تحدد نتيجة السباق الانتخابى ومن الفائز ومن الخاسر.
وتبدأ هذه المرحلة فور الانتهاء من عملية التصويت، أى انتهاء موعد الاقتراع وخروج آخر ناخب من اللجنة، إذا كان حاضرا داخل مركز الاقتراع بعد انتهاء الموعد القانونى. وتعتبر هذه المرحلة من المراحل الهامة والفاصلة فى قضية النزاهة والشفافية المطلوبة فى العملية الانتخابية، ومهما شهدت عملية التصويت من النزاهة والتنافس والحيادية فإن افتقاد هذه العناصر فى المرحلة الأخيرة يسلب المراحل السابقة للعملية الانتخابية نزاهة وتوصف العملية الانتخابية فى مجملها بأنها فاسدة.
وتشتمل مرحلة ما بعد إنتهاء عملية التصويت على مجموعة من العمليات الفرعية غاية فى الدقة والتعقيد والحساسية، مثل توقيت الإعلان عن إنتهاء التصويت، وغلق الصناديق، وتأمين عملية نقلها، وتحديد الجهة التى تضطلع بعملية النقل والإشراف عليه بما لا يدع مجالاً للعبث بها، وصولا إلى عملية الفرز وتحديد اللجنة الخاصة بهذه العملية، وكيفية تأمين عملية الفرز، وحساب الأصوات الصحيحة والباطلة وحتى إعلان النتائج والفصل فى الطعون أمام اللجنة، وحتى الفصل فى الطعون على صحة قرارات الجنة أمام القضاء الدستورى والفصل فى صحة عضوية أعضاء البرلمان المنتخبين، حتى يبدأ البرلمان بعدها خاليا من الشبهات والمطاعن، وتستقر المراكز القانونية لأطراف العملية الانتخابية، وتنمو الديمقراطية.
وعليه فالمرحلة الأخيرة من العملية الانتخابية تعد مرحلة مفصلية تفرز كل ما شهدته العملية الانتخابية -من تنافس وتصويت وتحالفات وإشراف على العملية الانتخابية فى مجملها- فى شكل نتائج نهائية، وسيتم تناولها فى ثلاثة مراحل فرعية كالتالى.
أولاً: انتهاء عملية التصويت وتأمين الصناديق
لا يجوز وقف عملية الاقتراع قبل انتهاء موعدها إلا بقرار من اللجنة الوطنية للانتخابات بأغلبية ثلثى أعضائها، وتكون اللجنة مسئولة وحدها عن تأمين صناديق الاقتراع حتى فرزها وإعلان النتائج والتحفظ عليها حتى انتهاء الفصل فى طعون صحة العضوية.
تتجه أغلب الدول إلى تحديد موعد معين لانتهاء التصويت، وبالتالى الإعلان عن غلق صناديق الانتخاب، وغالبا ما يحدد القانون هذه الساعة، ويشير أيضا القانون إلى كيفية تأمين الصناديق الانتخابية تمهيدا لفرز الأصوات بها.
تعد عملية انتهاء التصويت وتأمين الصناديق من العمليات الفرعية المهمة أثناء العملية الانتخابية وما يتعلق بها من الأمور المؤثرة فى نزاهة العملية الانتخابية فى مجملها، مثل تدوين محضر المشرفين على العملية التصويتية، وسلامة غلق الصناديق وتأمين نقلها، والجهة المسئولة عن تأمين صناديق الإنتخاب.
وتتضمن القاعدة كأصل عام، سلطة اللجنة الوطنية للانتخابات وحدها فى وقف عملية الاقتراع، وفقا للأسس التالية:
· أن الغلق يكون لبعض الوقت، وهو استثناء لا يجوز التوسع فيه، وذلك لمواجهة ظروف ومتغيرات عملية قاهرة، مثل وقوع أحداث عامة أو داخل مقر الاقتراع مما يستوجب على اللجنة إعطاء أمر للشرطة بإخلاء المقر لبعض الوقت..
· أن الغلق المؤقت يكون بقرار من اللجنة الوطنية للانتخابات، حتى لو كان بطلب من المشرف على اللجنة أو مركز الاقتراع/ ويكون بأغلبية خاصة مشددة.
· أن الغلق يختلف عن التدخل التنظيمى فى مسائل لوجستية محدودة، تترك للمشرف على اللجنة الفرعية/مركز الاقتراع، مثل تحديد سرعة دخول الناخبين للتصويت، أو تنظيم طريقة الانتظار، أو مواجهة أعطال مؤقتة فى الإنارة داخل مقر الاقتراع..، وحينما يتطلب الأمر وقف عملية التصويت يحال الى قرار اللجنة (المركزية).
كما تتضمن القاعد العامة أيضا مسئولية اللجنة الوطنية للانتخابات عن تأمين والتحفظ على صناديق الاقتراع واستمارات التصويت ومحاصر اللجان، وذلك حتى انتهاء الفترة المقررة للفصل نهائيا فى الطعون على صحة العضوية، أى على قرارات اللجنة بنتائج الانتخابات، على أن تكون هذه الوثائق والأدلة تحت تصرف المحكمة المختصة (وهى فى هذا الدليل المحكمة الدستورية.
وفيما يلى تفصيل للمبادئ التى تتفرع عن هذه القاعدة وتكملها.
1- متى ينتهى الاقتراع؟
ينتهى الاقتراع بعد التأكد من إدلاء جميع الناخبين المسجلين الموجودين فى مقر الانتخاب بأصواتهم.
فقد حددت غالبية القوانين المحلية الخاصة بمباشرة الحقوق السياسية وانتخاب المجالس التشريعية أو المحلية أو منصب رئيس الجمهورية موعداً محدداً للانتهاء من عملية التصويت، حيث يتم قفل باب الإقتراع والتحفظ على الصناديق بواسطة المشرف على التصويت، وإعداد محضر اللجنة الذى يتضمن عدد الحاضرين والغائبين وما يسجل فى المحضر من ملاحظات وشكاوى.
وتؤكد هذه القاعدة على أن العبرة بمكان تواجد الناخب لحظة انتهاء الموعد المقرر انتهاء فترة الاقتراع، فإذا كان بداخل المقر، بالمعنى والتعريف الذى تقرره تعليمات اللجنة الوطنية للانتخابات، وجب استمرار عملية التصويت حتى يتمكن آخر ناخب مقيد بالجداول الانتخابية التابعة لمركز الاقتراع من الإدلاء بصوته.
2- من المسئول عن تأمين صناديق الاقتراع؟
يتولى المشرف على التصويت تأمين نقل الصناديق الى مقر الفرز، ويعاونه ما يلزم من جهة الإدارة والشرطة.
ويقصد بهذه العملية الحفاظ على صناديق الانتخاب من العبث، فقبل العملية الانتخابية يتم التأكد من خلو الصناديق الانتخابية تماماً، أما فى هذه المرحلة فيجب تأمين الصناديق ضد احتمالات إضافة أو حذف أية أوراق انتخابية، بمعنى آخر التأكد من أن الصناديق التى أدلى فيها الناخبون هى الوحيدة التى ستتم عليها عملية الفرز.
وتختلف عملية تأمين الصناديق من دولة إلى أخرى، حيث ترتبط بنظام الفرز سواء كان مركزيا فيحتاج إلى حماية مكثفة وأمنية لها من العبث، أم يكون فرزا لامركزى، وبالتالى لا يتم نقل الصناديق خارج مركز الاقتراع وتكون عملية تأمينه أقل تعقيدا.
وتحرص القوانين الوطنية بوجه عام على تضمين نصوص خاصة بعملية تأمين الصناديق أثناء عملية نقلها، ولكن من الأوفق أن تقع هذه المسئولية على عاتق اللجنة الوطنية للانتخابات بما تقرره لها الدولة من معونات تأمينية، فعلى اللجنة الوطنية وضع قواعد وضوابط التأمين، وعلى الدولة بأجهزتها أن تحمى تنفيذ هذه القواعد تدعيما لمبدأ الديمقراطية وحفاظا على نزاهة الانتخابات.
ولضمان حماية الصناديق يفضل غلقها بمحضر رسمى موقع عليه من المشرفين (ممثلى اللجنة الوطنية الانتخابات)، ويتم التأكد من إحكام غلقها.
ثانياً: فرز الأصوات
يجب أن تتم كافة عمليات الفرز تحت إشراف اللجنة الوطنية للانتخابات، وتكون عملية الفرز علنية
وبالطبع تؤثر التقنية المستخدمة فى هذه العملية كثيرا على دقة عملية الفرز وصحتها، فبرغم أن هناك بعض الدول تستخدم أحدث التقنيات فى هذه العملية، لا يزال هناك منها من يعتمد على الأسلوب اليدوى. ومن المقترح فى هذا السياق الأخذ بطريقة الفرز على جهاز عرض، يوضح استمارة التصويت على شاشة العرض، مما يتيح لعدد أكبر من المراقبين متابعة عملية الفرز، وخصوصا عند استخدام الدوائر البصرية، أو البث التلفزيونى المباشر.
كما تتأثر عملية الفرز أيضا بدرجة المركزية التى تخضع لها، وكذلك تشكيل اللجنة القائمة عليها، وما يحظى به أفرادها من ثقة لدى جمهور الناخبين. ومن كل تلك العناصر وغيرها يمكن التوصل للقواعد التالية.
1- من يقوم بفرز الأصوات؟
يقوم بفرز الصناديق أشخاص محايدون، تحت إشراف اللجنة الوطنية للانتخابات، وبحضور مندوب عن كل مرشح.
رغم ما تتسم به هذه العملية من سهولة نسبية مقارنة مع العمليات أو الإجراءات الأخرى المرتبطة بالعملية الانتخابية، إلا أنها أكثرها خطورة وتأثيرا فى هذه العملية، لذا فهى تحتاج لدقة شديدة وتركيز عالى من جانب القائمين بها،
ولضمان شفافية ونزاهة هذه العملية، يجب أن تضع اللجنة الوطنية للانتخابات من القواعد ما يضمن علنية الفرز، كحضور ممثل عن المرشح (مندوب)، أو تغطية اعلامية وبث تليفزيونى مباشر.
أما من حيث تأمين وسلامة عملية الفرز وهى عملية مطلوبة لتأكيد الحيادية فى العملية الانتخابية، فيجب ان تكون من خلال اجهزة شرطية تضعها الدولة تحت تصرف اللجنة الوطنية للانتخابات، خاضعة لتنفيذ اوامر وتعليمات اللجنة.
2- مركزية/لامركزية الفرز
تقوم كل لجنة فرعية/مركز اقتراع بفرز استمارات التصويت وحصر النتائج قبل الانتقال الى مركز الدائرة، على أن تتحفظ على كافة أوراق ومحاضر اللجنة/ مركز الاقتراع لتسلمه مع نتيجة الفرز الى اللجنة الوطنية للانتخابات.
فنظرا لأن عملية نقل صناديق أوراق الانتخاب من اللجان الفرعية إلى لجنة الفرز من المسائل الإجرائية المهمة فى مرحلة فرز الأصوات، حيث يمكن أن يرد فى تلك المرحلة الكثير من الشوائب التى تمس سلامة الانتخابات، كتغيير الصناديق وسرقة أو إتلاف بعضها، فقد لجأت بعض الدول إلى عمليات الفرز فى نفس مكان الاقتراع، أى الفرز اللامركزى، ودول أخرى لا زالت تلتزم بالفرز المركزى وتشير حولها الشبهات.
ومن المؤكد أن نزاهة عملية الفرز ترتبط كثيرا بكون الفرز مركزيا أم لامركزى، وكذلك بتحديد الأشخاص الذين يبيح لهم القانون حضور عملية الفرز، كذلك طريقة الفرز سواء أكان يدوياً أو آلياً، والموعد المخصص لانتهاء عملية الفرز وإعلان النتيجة وما يلحقها من طعون وتأثير هذه الطعون على النتيجة المعلنة.
وهناك طريقتان شائعتان فى إدارة عملية فرز الأصوات، الأولى هى طريقة الفرز اللامركزى والتى تتم عادة فى مكاتب الاقتراع بمجرد غلق باب التصويت، والثانية هى طريقة الفرز المركزى، التى تتم فى مركز الدائرة أو مقر مركزى بعد إقفال مكاتب الاقتراع ونقل الصناديق إلى الجهة المركزية.
وتأخذ القاعدة السابقة بطريقة الفرز اللامركزى، لما تتسم به من تقليل فرص العبث بصناديق الاقتراع من ناحية، وتنظيم عملية الفرز على المستوى الوطنى من ناحية أخرى، مع بقاء ضمانات نزاهة الفرز وفق القواعد التى تقررها اللجنة الوطنية للانتخابات، بما فيها طلبات الطعون فى نتائج الفرز وطلبات إعادة الفرز لاستمارات صندوق أو أكثر، كما سيلى.
3- من له حق حضور عملية الفرز؟
تحتم شفافية الفرز أن يتم بحضور المرشحين أو وكلائهم، وممثلين للوكالات الاعلامية، ومؤسسات المجتمع المدنى العاملة فى مجال الدعم الديمقراطى، وفقا لتعليمات اللجنة الوطنية للانتخابات.
وقد تتم عملية الفرز يدويا وفى مكان مغلق، لاعتبارات تنظيمية وأمنية، وقد يزيد عدد الأطراف التى يحق لها الحضور عن الطاقة الاستيعابية للمكان، وفى هذه الحالة تقرر اللجنة الوطنية للانتخابات حلولا وسط، تضمن الحد الأدنى من الشفافية وكذلك الاعتبارات العملية.
فعلى سبيل المثال، يمكن أن تأخذ بطريقة الحضور بالتناوب، أو تخصص أوقاتا مختلفة لحضور غير المرشحين، وكل ذلك فى إطار مبدأ تكافؤ الفرص. كذلك ينبغى أن يتمتع المراقبون المحليون والدوليون –فى حال وجودهما- بالحقوق نفسها.
4- كيف يتم الفرز؟
يتم فرز أوراق الانتخاب (بطاقات التصويت) يدويا، وعلنيا.
وتمثل عملية الفرز وعدّ الأصوات المرحلة الأخيرة من العملية الانتخابية، والتى يجب التخطيط لها بعناية، وإلا حملت ظلالا من الشك حول العملية كلها، فلابد من تحديد كيف تحسب البطاقات وبأى طريقة.
ويمكن أن يتم الفرز يدويا، أو يدويا مع إظهار الاستمارات على شاشات عرض، أو آليا تماما. وفى حالة تم الفرز بطريقة يدوية، يجب أن يكون علنيا، أمام مرئى ومسمع من المرشح والناخب والاعلام، وطبقا للقواعد التى تضعها اللجنة الوطنية للانتخابات، وهذه الطريقة تعتبر أقل تكلفة من الفرز الآلى، ـو يسمح بالفرز اليدوى فى حالة إعادة الفرز، حيث تسهل معرفة الخطأ وتداركه.
5- توثيق نتيجة الفرز
توثق نتائج فرز كل صندوق على حدة، وتسجل نتائج فرز الصناديق بالدائرة فى محضر من نسختين يوقع عليهما رئيس اللجنة وممثل اللجنة الوطنية للانتخابات والمرشحون أو وكلاؤهم الموجودون فى مقر الفرز، وتسلم المحاضر الى اللجنة الوطنية للانتخابات للتصديق عليها وإعلان النتائج.
وبما أن توثيق عملية الفرز هو الذى يرسم صك شرعية نتائج الفرز، فإنه يجب أن يحظى بتصديق الحاضرين جلسة الفرز، ويفضل أن تنشر لجنة الفرز كافة المحاضر الموقعة.
وتتضمن هذه القاعدة التوثيق الخاص بكل صندوق على حدة، حتى وإن تم الفرز مركزيا، وأن يوقع أطراف العملية الانتخابية على نسخيتن من محضر الفرز لكل صندوق، وأن تحتفظ اللجنة الوطنية للانتخابات بالمحاضر والوثائق والأدلة المرتبطة بها، وتقوم اللجنة بمراجعتها والتصديق عليها، ثم إعلان النتائج.
6- عملية إعادة الفرز
يجوز لكل مرشح أو وكيله إذا كان حاضرا عملية الفرز منذ بدايتها أن يطلب من رئيس اللجنة إعادة فرز صندوق أو أكثر، فإذا اعترض على قرار رئيس اللجنة عرض الأمر على اللجنة الوطنية للانتخابات لاتخاذ قرار نهائى فى ذلك، وفى كل الأحوال لكل مرشح إثبات ما يراه من ملاحظات فى محضر الفرز بالدائرة.
وتتضمن هذه القاعدة شرطا فى المرشح الذى يحق له طلب إعادة الفرز، بأن يكون حاضرا عملية الفرز من بدايتها، وأن يحدد الصندوق أو أكثر محل طعنه. وقد يوافق رئيس لجنة الفرز أو يرفض طلبه، وفى هذه الحالة يجوز للمرشح الذهاب الى اللجنة الوطنية للانتخابات للنظر فى طلبه مع بيان أسباب هذا الطلب، واتخاذ قرار نهائى فيه.
وتتضمن القاعدة أيضا إقرار حق أصيل للمرشح (أو وكيله) فى إثبات ما يعن له من ملاحظات فى محضر لجنة الفرز، بما فيها طلبه إعادة الفرز، سواء تمت الموافقة عليه أو رفضه.
7- من يعلن نتيجة الفرز؟
يعلن رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات نتائج الاقتراع، بناء على محاضر الفرز بالدوائر، وحسب الإجراءات التى تضعها اللجنة لهذا الغرض، ولا يجب أن يتأخر إعلان نتائج الاقتراع فى كافة الدوائر عن أسبوع من انتهاء المرحلة الأخيرة من التصويت، إلا بقرار من اللجنة الوطنية للانتخابات يصدر بأغلبية ثلثى أعضائها.
ويعد توقيت إعلان نتيجة العملية الانتخابية من القضايا التى تثير موضوع النزاهة والشفافية، ففى حالة تأخر إعلان النتائج بعد الانتهاء من عملية الفرز قد يثير الشكوك حول التلاعب بالنتائج النهائية، ولن يتحقق ذلك إلا إذا كان من خلال اللجنة الوطنية الانتخابات، فهذه اللجنة هى التى تعلن نتيجة الفرز وذلك فور الإنتهاء منه.
ويكون الاعلان لكل دائرة انتخابية وليس لكل الدوائر مجتمعة، فعند انتهاء فرز أصوات كل دائرة انتخابية يعلن عن النتيجة فيها، ثم تصدر شهادات رسمية للمرشحين الفائزين، وتنشر فى الجريدة الرسمية وفى الاعلام.
ثالثا: الطعن فى نتيجة الانتخابات وفى صحة العضوية
قد ترجع الطعون الانتخابية إلى وجود أخطاء مادية فى حساب أوراق الاقتراع، أو الطعن فى نزاهة عملية الانتخاب ككل. وتنظم أغلب القوانين الوطنية عملية الطعون الانتخابية، حيث توضح من له الحق فى تقديم الطعن، وكيف، ولمن، ومن الذى يفصل به، وما هى المدة الزمنية المتاحة، وما هى الآثار المترتبة عليه، كما سيلى.
1- الطعن على قرار اللجنة حول نتائج الانتخابات
لكل مرشح أن يتقدم الى اللجنة الوطنية للانتخابات بطعن على نتيجة الانتحابات فى الدائرة التى ترشح فيها، بنفسه أومن خلال وكيله القانونى، وذلك خلال 24 ساعة من إعلان نتيجة التصويت فى الدائرة.
أى يقدم الطلب الى رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات، على أن يذكر أوجه الطعن وأسانيده بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود.
وبالطبع كلما فتح الباب أمام تقديم الطعن مبكرا كلما ساعد ذلك بصورة أفضل فى حسم نتيجة العملية الانتخابية، وإعلانها للمواطنين والمرشحين على حد سواء، وهكذا حاولت الدول المختلفة قدر الإمكان تقنين عملية تقديم الطعون والبت فيها بأسرع وقت ممكن.
2- كيف يتم تقديم الطعن على قرار اللجنة؟
تقدم الطعون باليد الى اللجنة الوطنية للانتخابات، حسب الإجراءات التى تضعها اللجنة، بما فيها الرسوم المقررة.
وقد حددت معظم القوانين الوطنية الإجراءات المختلفة للطعن وكيفية إتمامها، كما حددت االأشخاص المكفول لهم تقديم الطعون، فبعضها كفلها لكل من له مصلحة حتى وغن لم يكن مرشحا، فى حين قصرها البعض الآخر على المرشحين دون غيرهم.
3- الطعن على صحة عضوية من أعلن فوزه
لكل مرشح الحق فى تقديم دعوى مباشرة أمام المحكمة الدستورية بالطعن على صحة انتخاب منافسه الذى أعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات فوزه، وذلك خلال أسبوع على الأكثر من هذا الإعلان، وبواسطة محام معتمد أمام المحكمة الدستورية، التى تفصل فى الطلب من خلال أسبوعين من إيداع صحيفة الدعوى.
فبانتهاء عملية التصويت وإعلان اللجنة الوطنية لنتائج الانتخابات يولد المجلس المنتخب، حتى قبل أن يبدأ أعماله (التى تبدأ بحلف الأعضاء لليمين الدستورية قبل تولى مهامهم البرلمانية). إلا أن صلاحيات اللجنة الوطنية للانتخابات فى الإشراف الكامل والمستقل على العملية الانتخابية وعدم قابلية قراراتها للطعن أمام أية جهة تتتهى عند إعلانها النتائج النهائية للانتخابات، أما الحق فى اللجوء للقضاء للطعن على قرارات اللجنة يجب أن يكون مكفولا أيضا كحق أساسى. وتعتمد هذه القاعدة على أسلوب جواز الطعن مرة واحدة، مع حسم مدة نظره نهائيا أمام القضاء الدستورى.
وقد تناولت الدساتير أو القوانين الوطنية عملية الطعن فى صحة العضوية وأثرها، وتتشابه فى إسناد صلاحية البت فيها الى البرلمان ذاته، فيما يسمى "البرلمان سيد قراره"، وإن كان بأغلبية خاصة.
4- الطعن على صحة الانتخابات فى الدائرة ككل
لكل مرشح خسر فى الانتخابات أن يطعن على صحة الانتخابات فى الدائرة التى ترشح فيها وذلك أمام المحكمة الدستورية خلال أربع وعشرين ساعة من إعلان قرار اللجنة الوطنية للانتخابات لنتائج الانتخابات فى تلك الدائرة، على أن تفصل المحكمة نهائيا فى الطعن خلال ثلاثة أيام.
وهذه القاعدة المقترحة تنهض على شرط توافر "مصلحة للطاعن فى تقديم طعنه"، بحيث تقصر حق الطعن على المرشح المتضرر مباشرة فقط. كما تتضمن أيضا شروطا إجرائية فى تحريك الدعوى، بما فيها سداد الرسوم على الصحائف الدعوى أمام القضاء الدستورى (المحكمة العليا، أو المحكمة الدستورية العليا، أو المجلس الدستورى، حسب المسمى الوطنى)، وتستلزم وفقا قواعد المرافعات إيداع صحيفة الدعوى بواسطة محام معتمد أمام القضاء الدستورى، وتضع مواعيد لحسم مصير المنازعة نهائيا، بحيث يتشكل مجلس خال من عيوب ومطاعن فى صحة عضوية أعضائه.
ومع ذلك، فإن هذا الشرط لا يحول دون الطعن فى صحة الانتخابات من ناحيتين:
الأولى، أن الطعن فى توافر الشروط الجوهرية للمرشح (الفائز) بعد إعلان نتائج الانتخابات وانتهاء مدة الطعن عليها سوف يظل متاحا، ولكن أمام القضاء الدستورى، ومن زاوية البطلان، مثل حالة تزوير مرشح فى أوراق رسمية تتعلق بأداء الخدمة الإلزامية (العسكرية أو خدمة العلم..) وعجز الغير عن اكتشاف ذلك إلا بعد إعلان نتائج الانتخابات أو حتى اكتساب الحصانة البرلمانية، وفى هذه الحالة فإن الطعن بالبطلان فى شروط المرشح يظل مفتوحا، لأنها تعتبر من قواعد النظام العام، وذلك لضمان صحة ومشروعية تشكيل البرلمان وأعماله.
والزاوية الثانية، أن بطلان صحة الترشح، كسبب لبطلان نتائج الانتخابات يجب أن يكون بحكم قضائى دستورى نهائى (أو بقرار من المجلس الدستورى)، ضمانا لاستقرار المراكز القانونية للفائزين وصيانة للعملية السياسية ككل.
5- استرداد التأمين المالى للمرشحين
لكل مرشح حصل على 5% على الأقل من الأصوات الصحيحة للناخبين استرداد التأمين المالى الذى أودعه فى "صندوق دعم الانتخابات" عند الترشيح، وذلك بقرار من اللجنة الوطنية للانتخابات، وبعد خصم 25% منه كحد أقصى رسوما لتنمية موارد الصندوق، وأية خصومات أخرى وفقا لقواعد الدعاية التى تضعها اللجنة.
والغرض الذى تسعى هذه القاعدة الى تحقيقه هو توفير حد أدنى من المال لدى صندوق دعم الانتخابات، لتغطية أنشطته المتعددة، بما فيها عمليات التدريب والتثقيف العام والإعلانات، وكذلك لما يتمتع به هذا المصدر من استقلالية، لأنه لا يأتى من الخزانة العامة. ويشكل هذا المصدر عنصرا مكملا لموارد الصندوق، بالإضافة الى دعم الدولة، كما سبق.
وتتجه العديد من الدول فى العالم إلى وضع مبلغ كتأمين لدخول الانتخابات، وهذا المبلغ قد يكون للتعبير عن الجدية فى الترشيح، وقد يكون التأمين رهينة للتعويض عما تتكبده الدولة خلال إدارة الانتخابات أو بسبب أفعال المرشح. كذلك، هناك بعض الدول تشترط حصول المشرح على نسبة معينة من الأصوات لاسترداد هذا المبلغ التأمينى المدفوع.
فبعض الدول تخصم مبلغا معينا من التأمين كمصاريف إدارية أو ضرورية للعملية الانتخابية، فى حين توجد دول أخرى تقتطع من هذا المبلغ مصروفات واجبة الدفع فلا يصبح تأمينا بمعنى الوديعة واجبة الرد كاملة.
6- انتهاء العملية الانتخابية
وفى كل الأحوال، يجب أن يتم الانتهاء من نظر الطعون وإعلان القائمة النهائية للفائزين قبل انعقاد أولى جلسات المجلس الجديد بأسبوع على الأقل.
وبانتهاء مدة الطعن وصدور أحكام نهائية فى الطعون على الانتخابات، يكتمل تكوين الهيئة النيابية/ المنتخبة، وتكتسب المشروعية.
ومن هنا، يجب أن تنتهى العملية قبل بدء البرلمان أعماله بفترة معقولة، يمكن أن تكون شهراً أو أقل قليلا، حتى يستقر تكوين البرلمان ويبدأ مهامه خاليا من شبهات وطعون نزاهة الانتخابات.
- حيث يتم التفرقة بين الرجل والمرأة فى هذا الحق علما أن هناك مراجعة لهذا الحق. أما فى العراقة فهناك أ أجمعون أ آ أه "" .
- فى الأردن أيضا يُحرم أمين العاصمة عمان وأعضاء مجلس أمانة عمان وموظفو الأمانة ورؤساء المجالس البلدية وأعضاؤها وموظفو البلديات من شغل مقاعد البرلمان (النواب والأعيان).
- وفى مصر، اشترط القانون على المرشح ألا يكون قد تورط فى إفساد الحياة السياسية قبل ثورة يوليو (تموز) 1952.
- فى فلسطين يتم التسجيل لدى لجنة الدائرة الانتخابية فى الموعد المحدد لذلك بموجب المرسوم الرئاسى الداعى للانتخابات ولمدة تسعة أيام. وفى الأردن تقدم الطلبات إلى رئيس اللجنة المركزية قبل اليوم المحدد لإجراء الاقتراع بثلاثين يوما ويستمر لمدة ثلاثة أيام، حيث يقدم طلب الترشيح على نسختين ومن ذات الشخص طالب الترشيح إلى رئيس اللجنة المركزية فى المحافظة على النموذج الذى قرره الوزير مرفقا به الوثائق الثبوتية وسائر البيانات المطلوبة بمقتضى أحكام القانون والأنظمة والتعليمات الصادرة بمقتضاه ويعطى مقدم الطلب إيصالاً باستلام طلبه. أما البحرين فيقدم الطلب كتابة إلى لجنة الاشراف على سلامة الاستفتاء والانتخاب، على أن يُحدد فى هذا الطلب الدائرة التى يرشح نفسه فيها. وفى المغرب توضع طلبات الترشيح بمقر السلطة المكلفة بتلقى الترشيحات, حيث تقدم التصريحات الفردية بالترشيح أو لوائح المرشحين فى ثلاث نسخ تحمل إمضاءات المرشحين مصادقا عليها، وإسم المرشح أو أسماء المرشحين الشخصية والعائلية وألقابهم..، ولا تقبل الترشيحات الموجهة بواسطة البريد أو بأية وسيلة أخرى. وبالنسبة للبنان تقدم الطلبات مرفقة بقيمة التأمين إلى الجهة القضائية أو المنطقة التى يرغب فى ترشيح نفسه عنها ضمن الدائرة الانتخابية. وأخيرا فى مصر، يقدم طلب الترشيح -خلال المدة التى يحددها وزير الداخلية بقرار منه على ألا تقل عن خمسة أيام- إلى مديرية الأمن بالمحافظة التى يرغب فى الترشيح فى إحدى دوائرها الانتخابية، ويكون طلب الترشيح مصحوبا بإيصال بإيداع مبلغ ألف جنيه خزانة مديرية الأمن بالمحافظة المختصة وبالمستندات التى يحددها وزير الداخلية بقرار منه لإثبات توافر الشروط التى يتطلبها هذا القانون للترشيح. أما فى العراق يجب ترتيب أسماء المرشحين على القوائم المقدمة إلى المفوضية حسب استحقاق كل منهم، ويتم توزيع المقاعد فى المجلس الوطنى طبقا لترتيب الأسماء الوارد فى هذه القائمة، ولا يجوز تغيير هذا الترتيب أو تغيير هذة القائمة بعد التاريخ الذى تحدده المفوضية، ولدعم ترشيح النساء يجب وجود مرشحة ضمن أول ثلاثة مرشحين ومرشحتين ضمن أول ست مرشحين و هكذا حتى النهاية، ولا يجوز أن يقل عدد أسماء المرشحين على أى قائمة عن 12 و لا يتجاوز 275 (هى مجموع مقاعد الجمعية الوطنية).
- فى لبنان تشترط القانون أن يرفق المرشح طلبه بمبلغ عشرة ملايين ليرة لبنانية لا تسترد إلا فى حالة الفوز أو على الأقل الحصول على 10% من نسبة المصوتين. فيما تشترط فى مصر أن يكون طلب الترشيح مصحوبا بإيصال بإيداع مبلغ ألف جنيه فىخزانة مديرية الأمن بالمحافظة المختصة، يتم استردادها بعد الخصومات لإدارية المقررة، نظريا. هناهنا
- ملكى، فى الإشراف ختارهم فقا ل. وفى
- يتوزع الاشراف على عملية التصويت فى كل من بين أكثر من جهة فتولاه لطة ال لاه ل برئاسة دد من أن المناط بها الإشراف ، و بعض من يجيدون التصويت
- الاقتراع، قدمة من المرشحين أو من ينوب ملية
- تتباين الدول فيما بينها فى مواعيد التصويت، والبحرين ف بمتوسط مساء هو الوضع
-، ال، لذلك من يتبقى من ل الإدلاء بصوته أما ب فمكن ل أن يعلن .
- عطت أغلب ن ينوب عنهم حق التواجد اما منحتهم ية مجوز لمرشح للمرشح بتوكيل أكثر من مندوبن حيث تحديد هذا المندوب هى التى سمح بحضور المناديب، يستلزم حضور المندوب ا بد من استخراج يجب أن
- الناخب ختومة يث يضعها بعد التأشير عليها قبل تسليمها ، يث ها بعد الإدلاء بصوته بيده اخل الباته يعيد الناخب اللجنة امامه الاقتراع ذلك. ذ يتم
- بشتى الطرق ، ا على سبيل المثال ن يستعين ، وذلك و الناخب أ ا ختاره الاقتراع الانتخاب، .
- ت ، ك، دل . كذلك تعد باطلة إذا ، بحسب تشريع للدولة،
- مجملها على سبيل المثال يتقيد قد هذه الدول وتلك البطاقة سواء ، لما أن يتحتم على أن يكون مسجلا فى لوائح / أو الجداول. وجود ية ثبت هوية الناخب يمكنه ، والمغرب، عليه
- ي يلى ب الدلى بصوته ، تم الااتى ليغادر فور إعادتها له
- فى مصر حدد قانون مباشرة الحقوق السياسية غرامة ل، ،
- وفلسطين يتم قبل فى عملية التصويت فتح الماماغلق وتدمغ يبدأ التصويت على الفور
- ى مصر لطة البت فى لمخالفات التى تتعلق بينما فى لبنان يخضع ذلك النوع من المخالفات ، وفى حال عدم وجود نص قانونى يلائمها عاقب مرتكب المخالفة تتراوح قيمتها
- أن أن ، علما أن حضور مندوب للمرشح يتحتم مسبقا ا .
- يشترك فى مراقبة العملية الانتخابية م، ولتسهيلا لعملهم الانتخابات المركزية فرد منهم بمجرد طلبها والتى تعد بمثابة كارت أخضر لحاملها.
- تم لق باب ن ، لما أن يجوز الاخل مركز الاقتراع عد، هنا يتم كما بمديد لموجودة من الإدلاء يتم تمديد قط ل المتواجدين
- الاقتراع ويسمح لمندوبى ، ما بالأردن، ال أثناء نقلها
- طابقة مثلا ي، ، وقعا الاقتراع
- لجهة المنوط بها عملية صناديق الاقتراع من دولة لأخرى، يث تتتولاها لجنة مكونة من لاثة ورئيسا معينين جنة من موظفى الحكومة مؤلفة لوظيفية عن الدرجة اللجنة ، ل تتألف لجنة الفرز يسمح لللجان الا بلجانهم
- ى الواقع العملى تلك العملية اخل ينما فى تم بعد تي، تم بعد تي اللوضع ،
- ئهم و المرشح من ه عادة ما تكون
- عض عمد إلى طريقة اليدوى، ن خلال أعضاء ب، ال الأردن ف، تحت مرئى حضور عدد من الناخبين، الأا التى ينالها كل مرشح محضر من قعهما
- توثق لجنة الاقتراع والفرز محضرين ، و هما ال بالنتيجة النهائية لعملية الفرز مكونا يتم توقيعهما فرزقعة منه ومن تعد ها النتيجة النهائية العام محضر من اشرة ، بينما
- ى فلسطين يتم ، ، دول ن جداول الناخبين ت، ال النهائية ات، لتصويت مرة أخرى ما ته
- أغلب القوانين الوطنية العربية على سرعة الانتخاباتلسطين تعلن ال قلم الاقتراع عد فرز الأصوات ث علق ا بها على ، و
- البت فى الطعون الانتخابية، كما فى ، هى ذاتها لجهة عملية الفرز، ، وت
- لدول فيما ينها فى تنظيم مسألة لاسيما ما يتعلق منها بموعد تقديمها والبت فيهاىددت ف تقديمه خلال التدءا من
- ومن ناحية أخرى تختلف الدول فى الإجراءات المنظمة للتديم الطعون الانتخابية،حيث يتم فى تقديمها لا يسمح بتقديمها سوى قط باب أمام ، لاسيما
- احب سلطة الفصل ، الفصل هذه
- معين من ال، ند ل من المصروفات التى قد تكون ، ا، وكما فى مصر قد قيمة هذا المبلغ، بعد خصم قيمة المستحقات، ى حالة عدم فوز ترد قيمة التأمين صول المرشح على الأقل من أصوات ناخبين فى المقابل لا يسترد المرشح وفلسطين عندما لا يفوز قيمة التأمين المدفوع التى تبلغ فى الأولى ا وفى الثانية أ. على عكس تلك الول هناك دول أخرى كالمغرب والجزائر ربط مسألة قبول طلبات الترشيح بدفع أية مبالغ تأمينية.
|